تتأرجح أسعار المحروقات بين يومٍ وآخر وفق تسعيرة وزارة الطاقة، ويراقب البقاعيون نسبة ارتفاع الأسعار وانخفاضها وعينهم على مادة المازوت التي تشعل جيوبهم بنار الغلاء، ويشترون الكمّيات وفق درجة حرارة الطقس.
تفرض متاعب الحياة ومصاعبها واقعاً على اللبنانيين أصبح شبه حتمي، يعيشون وفق ما تقتضي الظروف والسيولة المادية التي بين أيديهم وحسب رواتبهم التي تطير بسرعة البرق، حتى أنهم تنازلوا عن أولوياتهم بما فيها الطعام والملابس والتدفئة في فضل الشتاء.
وعلى أبواب الصقيع الذي يلفّ البقاع وبعض المناطق الأخرى حيث تتدنّى درجات الحرارة إلى مستوياتٍ تعجز أجسام الأطفال عن تحمّلها، وفيما عمد كثيرون خلال الصيف إلى تجهيز ما يلزم للتدفئة من حطب ومازوت، ثمة الكثير من العائلات خارج إطار تأمين مستلزمات “المدافئ”، يعيشون كلّ يومٍ بيومه، يشترون المازوت بالليترات ويصرفونه بالقطّارة، أو يجمعون أغصان الأشجار التي يتمّ تشحيلها في هذا الوقت، وكلّ ما وقعت عليه أيديهم في سبيل تأمين الدفء الذي يكسر برودة الطقس.
إعتاد البقاعيون قبل سنوات من الأزمة التي حلّت بهم، الاستعداد لفصل الشتاء على اختلاف إحتياجاته، يحضّرون المونة الشتوية ويعبّئون خزّان المازوت على قدر مصروفهم أو يشترون الحطب، ومع الغلاء الذي يضرب مختلف القطاعات والسلع، تراجعت قدرتهم على شراء المازوت مع وصول العواصف البردية خلال الأسبوع الماضي، وأصبح قدرُ الكميات التي يشترونها يعتمد على درجات حرارة الطقس والأمطار، فيشعل البعض منهم المدفأة عند تساقط المطر أو البرد القارص، وبعضهم يستخدمها خلال ساعات الليل فقط، ويقصدون المحطات التي تبيع وفق السعر الرسمي، أو محطات الأمانة التابعة لـ”حزب الله” التي تبيع المازوت الإيراني بسعر منخفض عن التسعيرة الرسمية بخمسين ألف ليرة.
يعوّل كثيرون على إستقدام “حزب الله” للمازوت الإيراني كما فعل العام الماضي وبيعه بأسعار يستطيع البعض تحمّلها، رغم التساؤلات التي طالت نوعيته، أو لجهة السرقات وعشوائية التوزيع، ومع وصول سعر الصفيحة الى 850 ألفاً، علماً أنّها لا تكفي منزلاً ليومين، إرتفعت الأصوات المطالبة بإستيراد المازوت الإيراني، وناشد بعض أهالي المنطقة “الحزب” القيام بهذه الخطوة لتخفيف الأعباء عن المواطنين، وذلك بعدما سرت شائعات عن نية “حزب الله” إستقدامه فيما لا تزال آلية التوزيع غير واضحة، إن لجهة السعر أو الكميات المتاحة
ووفق المعلومات المتداولة، تتأرجح الآلية التي ستعتمد بين بيع البرميل بخمسين دولاراً، وبين تسليم الناس مبلغاً من المال لشراء المازوت، أو إعتماد بطاقة “سجّاد” التي وزعها “الحزب” والتي تخوّل حاملها الحصول على المازوت، علماً أنّ حركة دخول صهاريج المازوت من الأراضي السورية إلى الداخل اللبناني لصالح “حزب الله”، لم تتوقف خلال فترة الصيف وحتى الآن، بل ارتفع عددها منذ مدّة.
تقنين المازوت وعدم القدرة على شرائه لم يقتصر على المواطنين الذين لجأ بعضهم الى استخدام الثياب الثقيلة وإلتحاف الأغطية، بل لحق بعض المدارس الرسمية في بعلبك وقد أرسلت الى الأهالي رسائل نصّية عبر الـ”واتساب” بعدم توافر المازوت لتدفئة أولادهم وبأنها ستضطرّ للاقفال لحين تأمينه، فيما أوصت مدارس أخرى أولياء الطلاب بثياب تكون اكثر سماكة لأولادهم في حال قرّروا إرسالهم وعلى مسؤوليتهم