عقدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان UN-Habitat، طاولة مستديرة لإطلاق الحملة الوطنية حول “حقوق المرأة في السكن والأرض والملكية في لبنان”.
يأتي هذا اللقاء ضمن إطار عمل الهيئة التنسيقي لتنفيذ الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن خاصة بهدف تمكين المرأة اقتصاديًا، وضمن إطار الحملة الاقليمية التي أطلقها برنامج UN-Habitat بالتعاون مع الشبكة العالمية لأدوات الأراضي (GLTN) حول حقوق السكن والاراضي والممتلكات للنساء في المنطقة العربية.
وترمي هذه الحملة الوطنية إلى زيادة الوعي والمبادرة بإطلاق حوار متعدد المستويات حول حقوق المرأة في السكن والأرض والممتلكات في لبنان من خلال تسليط الضوء على أهمية حماية هذه الحقوق.
وشارك في اللقاء رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون، و مديرة برنامج UN-Habitat في لبنان تانيا كريستيانسن، و مديرة الإدارات والمجالس المحلية بالتكليف في وزارة الداخلية والبلديات فاتن أبو الحسن، والكاتبة العدل رندة عبود أمينة سرّ الهيئة وممثلة مجلس كتّاب العدل، والمحامية مايا الزغريني ممثلة نقيب المحامين في بيروت ناضر كاسبار، والمحامية رنا دبليز ممثلة نقابة المحامين في طرابلس، نائب مديرة برنامج UN-Habitat في لبنان طارق عسيران، و طارق فواز و زياد معدراني ممثلا المدير العام للشؤون العقارية ووزارة المالية بالتكليف جورج معراوي، فرناند أبو حيدر ممثلة المديرة العامة لوزارة الشؤون الاجتماعيةبالإنابةرندة أبو حمدان، و هازميع خوري ممثلة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد، وممثلات وممثلون عن الوزارات والإدارات الرسمية والنقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الاكاديمية والأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية، وأعضاء من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.
وألقت عون كلمة افتتاحية جاء فيها: ” لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو بالإشتراك مع غيره،” تقول شرعة حقوق الإنسان. النظام الإقتصادي حر، يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة” بحسب الدستور اللبناني. “الملكية العقارية هي حق استعمال عقار ما، والتمتع والتصرف به ضمن حدود القوانين والقرارات والأنظمة” حسب تعريف قانون الملكية العقارية في لبنان. مع ذلك تشير الأرقام إلى أن فقط 13% من الأراضي الزراعية تملكها نساء. إلى هذه النسبة المتدنية لتملك النساء في الأرياف، يضاف عدم تملكهن سوى 10% من المؤسسات الإقتصادية والمتوسطة، وهي في لبنان تمثل 95% من مجمل المؤسسات، وتوظف حوالي 50% من القوى العاملة.
وهذا الضعف في تملك العقارات، يفسر إلى حد كبير استبعاد معظم النساء من الإستفادة من القروض المصرفية لتأسيس الأعمال الخاصة وتطويرها، إذ أن قبل وقوع الأزمة الإقتصادية والمالية، وحسب دراسة تعود إلى العام 2013، فقط 3% من القروض المصرفية منحت لنساء صاحبات أعمال”.
وتابعت: “في خضم الأزمة الحالية التي يتخبط فيها اللبنانيون واللبنانيات، لا بد لنا من طرح موضوع مشاركة النساء في استنهاض قدرات البلد الإقتصادية من جديد.
ولا بد لنا في ذلك من تناول كافة المعوقات التي تحول دون تفعيل أدوار المرأة في تحقيق الكسب الإقتصادي والمالي الخاص بها، وبالتالي تحول دون تجنيب أسرتها العوز والفقر. وأيضا تحول دون مساهمتها في انتعاش الإقتصاد الوطني. العوائق في هذا المجال عديدة، ترتبط بقوانين، لا يزال بعضها مجحفا بحقوق المرأة وبعضها الآخر غير كاف لضمان حمايتها وتمكينها. وترتبط أيضا هذه العوائق بمفاهيم وبممارسات لا تزال سائدة في مجتمعنا، تحول دون استفادة النساء من الإمكانات التي يتيحها القانون. في لبنان يتيح الدستور والقانون للمرأة، تملك الأرض والمسكن، إنما ما يحول دون تمتعها فعليا بهذا الحق، هو مفاهيم موروثة من الماضي، لا ترى في النساء عناصر منتجة في المجتمع، وبالتالي لا ترى فيهن صاحبات حق في الإستفادة من الثروات التي يختزنها وفي استثمار هذه الثروات. ففي المخيلة الجماعية التي تكونت عبر العصور الماضية، للرجل أن يجني الأرباح وأن ينفق على الأسرة، وما للمرأة إلا أن تقوم بواجبات الرعاية الأسرية”.
وأضافت: “هذا النموذج للأدوار الإجتماعية، كان في أساس هيكلة تنظيم قوانين الإرث، ونشوء الممارسات في ما يتعلق بتوريث الإناث والذكور. فانطلاقا من هذا النموذج لتوزيع الأدوار، قام التفضيل لتوريث الأرض والأملاك للذكور، بصفتها وسائل للإنتاج، للرجال أن ينتفعوا من استثمارها، ذلك بالإضافة إلى تحميل مفهوم التراث العائلي، معان ذكورية مادية ومعنوية، يتلازم ضمنها نقل الميراث العقاري مع نقل إسم العائلة إلى الذكور. من خصائص الأزمة المتعددة الوجوه التي نعيشها اليوم في لبنان، وجود انفصام قائم بين الوضع المعاش في الواقع وبين الهيكليات التشريعية والمؤسساتية والثقافية التي يفترض بها أن تكون ناظمة للمجتمع. وليست ظاهرة تدني مستوى تملك النساء للعقارات في لبنان، إلا واحدة من مظاهر هذا الإنفصام، بين واقع معيشي يتسم بالحداثة في مجال العلاقات الإقتصادية في الفضاء العام، ونمط تفكيري تقليدي، يعود إلى القرن الأسبق، لا يزال سائدا في معظم البيئات في مجال العلاقات الإقتصادية داخل الأسرة”.
وأشارت إلى أننا “نتطلع اليوم إلى تطور في الذهنيات وفي الممارسات، كي تصبح حياتنا اليومية أكثر انسجاما مع المبادئ التي نحملها، وكي تكون الثقافة السائدة في مجتمعنا، ثقافة حية منبثقة من حياتنا المعاصرة لا من التجارب التي عاشها أجدادنا في عصور باتت مختلفة كليا عن عصرنا. من هنا دعوتنا إلى تحديث القوانين الناظمة لحياتنا، ومنها قوانين الأحوال الشخصية بما فيها الأحكام الخاصة بالإرث. لذا ندعو لأن يكون في لبنان، قانون مدني واحد للأحوال الشخصية، يساوي بين الحقوق المعترف بها للنساء والرجال، في كل ما يخص إدارة حياتهن وحياتهم الشخصية والأسرية”.
وختمت: “آمل أن تساهم الحملة التي نطلقها اليوم في إيجاد هذا التطور، عبر نشر الوعي المجتمعي، لضرورة تغيير الممارسات المتعلقة بتملك النساء للأرض والمسكن، وعبر حمل النساء أنفسهن على إدراك أوسع وأعمق لأهمية تنمية قدراتهن الإقتصادية، لتحقيق تطلعاتهن والتمتع بحقوقهن.
أشكر برنامج UN – Habitat ومديرته تاينا كريستيانسن، لمشاركة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في تنظيم هذه الحملة وأتمنى لنا ولكم جلسة عمل موفقة”.
كما ألقت كريستيانسن كلمة قالت فيها:” إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا معكم اليوم في هذه الطاولة المستديرة لإطلاق الحملة الوطنية حول “حقوق المرأة في السكن والأرض والملكية في لبنان”. كما ويسرني التحدث اليوم عن موضوع عزيز على قلبي وهو موضوع مهم جدا، ليس فقط في لبنان، ولكن في جميع أنحاء العالم. إنه موضوع نعتبره في العديد من البلدان أمرا مفروغا منه، كحق أصيل نتمتع به، بغض النظر عن الجندر. في الواقع، لطالما اعتبرت هذا الموضوع أمرا مفروغا منه كوني مواطنة من شمال أوروبا حيث الحقوق تمنح وتطبق بالتساوي بغض النظر عن الجندر او النوع الاجتماعي. في لبنان، على الرغم من أن المرأة تتمتع نظريا بالحق في امتلاك واستخدام الأراضي والسكن والممتلكات – إلا أن التمييز القائم على النوع الاجتماعي لا يزال قائما في التشريعات وكذلك في الممارسة”.
وأضافت: “من الأمثلة على ذلك قانون الجنسية اللبناني، وقوانين الأحوال الشخصية، وقوانين الميراث، إلى جانب الأعراف الاجتماعية والعادات والتقاليد التمييزية – وكلها تحد من حق المرأة في ملكية المنازل والأراضي في لبنان. وهو امر أنتم جميعا على دراية به.
إن حقوق السكن والأرض والملكية هي من حقوق الإنسان الثابتة للجميع – بغض النظر عن الجنس. وإن تعزيز الوصول إلى هذه الحقوق هو في صميم عمل برنامج UN-Habitat.
في لبنان، يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN-Habitat على تعزيز الوصول إلى حقوق السكن والأراضي والملكية من خلال العمل المعياري والسياساتي، فضلا عن التدخلات الملموسة على أرض الواقع. وهذا يشمل: (1) العمل مع السلطات المحلية لضمان حقوق سكان المباني المصادرة، وفي حالة نشوء نزاعات حول الإسكان والأراضي والممتلكات على أساس الجنس، يتم تأمين الإستشارة القانونبة المناسبة، (2) مثال آخر يشمل من خلال عملنا في مجال الإسكان، التواصل مع مالكي ومستأجري الوحدات السكنية للوصول الى اتفاقيات إيجار وإسكان عادلة تدعم حقوق الطرفين، بغض النظر عن الجنس”.
وتابعت: “هذان مثالان فقط من بين أمثلة كثيرة. تعزيز وحماية هذه الحقوق للمرأة، له علاقة مباشرة بتحقيق مستوى معيشي لائق، وتحقيق الاستقلالية عن الذكور في الأسرة، وتأمين السكن، وتحسين الوصول إلى التعليم وفرص كسب العيش المتعددة”.
ورات ان “ضمان هذه الحقوق، يمكّن المرأة أيضا ويعزز مشاركتها في صنع القرار داخل المنزل وفي الحياة العامة على حد سواء، ويحميها من العنف القائم على النوع الاجتماعي والمخاطر الصحية والإخلاء القسري. أنا على ثقة أنكم تتفقون معي اليوم، على أن دعم هذه الحقوق لها فوائدها للمجتمع ككل – هو في الواقع أمر لا يحتاج إلى الكثير من التفكير”
وقالت:”تندرج هذه الطاولة المستديرة التي تشاركون فيها اليوم ضمن الحملة الإقليمية للمرأة والأرض التي أطلقها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN-Habitat، بالشراكة مع الشبكة العالمية للأراضي والأدوات (GLTN) – مع التركيز على حقوق السكن والأرض والملكية للمرأة في المنطقة العربية.
على المستوى الإقليمي، يسر برنامج UN-Habitat تنفيذ حملة المرأة والأرض في لبنان بالشراكة مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية (NCLW).
إذ يتماشى هذا الموضوع مع مهمة الهيئة كجهة رسمية تعمل على: (1) تعزيز حقوق المرأة. (2) النهوض بالإصلاحات التشريعية المتعلقة بالمرأة و (3) الدعوة إلى المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في لبنان. في لبنان، تهدف الحملة إلى بدء حوار متعدد المستويات حول حقوق المرأة في السكن والأرض والملكية من خلال: 1. رفع مستوى الوعي حول كيفية التغلب على التحديات التي تواجهها المرأة في الحصول على حقوقها في السكن والأرض والملكية والتمتع بها.
2. تمكين المرأة من المطالبة بحقوقها في السكن والأرض والملكية.
3. لفت انتباه الناس حول أهمية حماية حقوق المرأة في السكن والأرض والملكية وفوائدها الواضحة على مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
واليوم، سيتم تقديم مراجعة قانونية تغطي وضع حقوق المرأة في السكن والأرض والملكية في لبنان، بما في ذلك التشريعات المعمول بها، تليها مناقشة سنركز من خلالها على:
1. القيود الاجتماعية والقانونية التي تعاني منها النساء في ضمان حقوقهن في السكن والأرض والملكية في لبنان.
2. الخروج بتوصيات ملموسة حول المضي قدما في النهوض بحقوق المرأة في السكن والأرض والملكية في لبنان ومناصرتها.
3. أنا فخورة جدا وممتنة لأننا سنحصل على شهادات حية من ثلاث نساء رائعات سيشاركننا اليوم تجربتهم حول كيف مكنتهن هذه الحقوق من تحفيز رفاهية أسرهن ومجتمعاتهن من حولهن.
يعتبر هذا الحدث اليوم كنقطة انطلاق لهذه الحملة التي تأمل من خلالها في تزويد النساء بالمعرفة والأدوات اللازمة لنيل وإدراك حقوقهن في السكن والأرض والملكية في لبنان.
سيتم استكمال هذه الورشة بحملة إعلامية لرفع مستوى الوعي تتضمّن رسائل رئيسية حول كيفية تمكين المرأة وتحسين حياتها وضمان قدرتها بشكل أفضل على لعب دورها في دفع التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسلام في مجتمعاتها، لصالح نفسها وأسرتها والمجتمع ككل”.
وختمت: “بالنيابة عن برنامج UN-Habitat، آمل أن يشكّل هذا الحدث مساحة صريحة لنا لبدء هذا النقاش المهم، وتحديد التحديات والحلول والتأكيد على طريق واضح للمضي قدما نحو تحقيق حقوق السكن والأرض والملكية للنساء والمجتمعات في جميع أنحاء لبنان”
بعدها قدّم تاليونورا ساربي، مسؤولة دعم مشاريع ضمن الشبكة الدولية لأدوات الأراضي UN – Habitat عرضاً حول حملة النساء والأرض من المنظور الإقليمي .
ثم قدمت جيسي أبي خطار وعلا أحمد حسين وعلوم عودة شهادات حيّة حول انعكاس حقوقهنّ بالسكن والأرض والملكية على حياتهنّ وحياة أسرهنّ.
واستعرضت كاتبة العدل رندة عبود أمينة سر الهيئة الوطنية المواد القانونية الخاصة بحقوق المرأة في السكن والأرض والملكية والتشريعات المتوفرة في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية وفي قانون الملكية العقارية اللبناني، إضافةً إلى سبل تملّك العقارات من ناحية الإرث والوصية وختمت العرض بإضاءات إيجابية.
وأدارت المحامية غادة جنبلاط عضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية نقاشاً حول إشكاليات تطبيق الحقوق المعطاة للمرأة في ما يتعلّق بالسكن والأرض والملكية، واختتم اللقاء بتوصيات أولوية لدعم حقوق المرأة في ما يتعلّق بحقّها بالسكن والأرض والملكية.