وصف رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الدور الذي تمارسه المملكة العربية السعودية في لبنان بأنه «إستراتيجي»، وأنه لا علاقة لها بالتفاصيل الضيقة والصغيرة، مؤكداً حرصها على أمن واستقرار وإنقاذ لبنان.
وكشف جعجع في حوار مع «عكاظ»، أن «لا فيتو» على وصول قائد الجيش جوزيف عون إلى سدة الرئاسة بالرغم من أن القوات تفضل أن تبقى اللعبة السياسية بعيداً عن العسكريين. واتهم «حزب الله» وجماعة الممانعة بتعطيل انتخاب رئيس جديد للبلاد. وقال إن لبنان يحتاج إلى رئيس لإنقاذه. ولفت إلى أن العلاقة مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية «جيدة» لكنه على المستوى الإستراتيجي هو في المقلب الآخر أي في محور الممانعة، معتبراً أن لا طائل من أي طاولة حوار حول الرئاسة لأن الطاولات السابقة أثبتت عقمها.
• بداية.. كيف ترصد دور المملكة العربية السعودية في لبنان في هذه المرحلة؟
السعودية تلعب دوراً كبيراً على المستوى الإستراتيجي، البعض لا يرى الدور الذي تلعبه المملكة إلا إذا كان على مستوى تكتيكي صغير وضيق يطال بعض أحياء بيروت، وطرابلس أو جبل لبنان البقاع أو الجنوب.
المملكة حالياً لا تريد أن تتدخل في الزواريب اللبنانية الصغيرة ولكن ما تفعله هو على المستوى الإستراتيجي، مثال على ذلك منذ اللحظة الأولى للانتخابات الرئاسية أبلغت المملكة كل الدول المعنية بقرارها وهو في حال أتى رئيس إلى لبنان لا يوحي بالثقة هي لن تساهم بأي شيء له علاقة بالمساعدات في لبنان. ما دفع بعض الدول الأوروبية إلى تغيير موقفها وتتبنى موقف المملكة.
• كيف يمكن الخروج من المأزق الرئاسي الذي يعيشه لبنان للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية؟
بكل بساطة يجب أن تتوفر عند الكتل النيابية النيّة لانتخاب رئيس للجمهورية. لماذا لغاية اليوم الانتخابات الرئاسية معطلة؟ الجواب هو: أن هناك أطرافاً تعطلها وهم «حزب الله» وجماعة الممانعة، هم يقومون بالتعطيل لأن لديهم مرشح لكنهم قادرون على إيصاله إلى سدة الرئاسة انطلاقاً من موازين القوى داخل المجلس النيابي. وبالتالي يبقى السؤال: كيف يمكن الوصول إلى انتخابات لرئاسة الجمهورية من خلال وقف تعطيل هذه الكتل؟
رئيس البرلمان نبيه بري لديه دور كبير جداً يمكنه لعبه، فهو يرى ماذا يحصل، لكنه مع الأسف لا يقوم بدوره كرئيس لمجلس النواب. الأسبوع الماضي كانت الجلسة التاسعة التي يتم تعطيلها بهذه الطريقة. وعلى بري المؤتمن على حسن سير هذه المؤسسة الدستورية أن يقول للكتل التي تمارس التعطيل إنه لا يجوز ذلك، وأن يدرس الأمر مع رؤساء اللجان النيابية لمعرفة ما هي التدابير التي يجب أن تتخذ مع هذه الكتل لوقف ممارسة تعطيل الاستحقاق الرئاسي كي نصل إلى نتيجة.
رئيس مجلس النواب دعا إلى طاولة حوار، والقوات اللبنانية كأنها بين الرفض والتردد، باعتقادك هذه العقدة، ألا يساعد هكذا حوار على حلها؟
أجريت في لبنان منذ العام 2006 لغاية يومنا هذا ما لا يقل عن 7 أو 8 طاولات حوار، وأول طاولة حوار 2006 استمرت أولى جلساتها لأسبوع كامل، كنا ننام قرب المجلس النيابي، ويومياً هناك جلسات إلى أن وصلنا لعملية 12 يوليو 2006 التي أطاحت بطاولة الحوار.
منذ أيام الفراغ الرئاسي بين عامي 2014 و2016، أريد تذكير الجميع أنه عقدت طاولة حوار في المجلس النيابي في ظل الفراغ وانتهت إلى لا شيء. وبالتالي تجاربنا مع طاولات الحوار في لبنان باتت معروفة، لم تتخذ قرارات ولم نستفد منها بشيء بدءاً بسحب السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات وخارجها وليس انتهاء بإعلان بعبدا، وبالتالي جلسات الحوار في لبنان عقيمة. الأخطر في الوقت الحاضر هو وجود العديد من المواضيع المطروحة ولكن حولها الكثير من الاختلافات، ولكن نحن لسنا بصدد حل المواضيع المطروحة بل بصدد انتخاب رئيس للجمهورية، العقدة في الوقت الحالي هي في عملية الانتخاب. ذهابنا إلى طاولة الحوار يعني أننا نحرف كل الأنظار عن انتخابات رئاسة الجمهورية إلى طاولة حوار نظرية عقيمة أثبتت الأيام والسنوات أنها لا يمكن أن تصل إلى نتيجة، وبالتالي نحن نعمّق أكثر فأكثر تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية.
• هل تتجه كتلة القوات (الخميس) القادم للتصويت في مجلس النواب، وليس للمشاركة بعد ذلك بالحوار؟
وفقاً لوقائع يوم (الخميس)، إذا افتتح رئيس مجلس النواب الجلسة لإجراء دورة أولى بالتصويت وجاءت النتيجة غير حاسمة، ثم أعلن أنه سيترك الجلسة مفتوحة ليقوم بمشاورات خارجها مع رؤساء الكتل لحل الإشكال ثم ليعود ليستأنفها حتى انتخاب رئيس، نحن حينها مع إجراء هكذا مشاورات.
• بالمفاضلة بين سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون، من تختار القوات اللبنانية للرئاسة؟
لا أعتقد أن الموضوع مطروح بهذا الشكل، سليمان فرنجية علاقتنا جيدة معه ونتعاون حيثما نستطيع، ولكن على المستوى الإستراتيجي هو في المقلب الآخر وفي محور الممانعة، ومشكلتنا في لبنان هي بمحور الممانعة، وبالتالي لا نستطيع السير بسليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. أما بالنسبة للعماد جوزيف عون نحن نفضل أن تبقى اللعبة السياسية سياسية، ولكن في نهاية المطاف إذا اتفق النواب الـ87 على العماد جوزيف عون وهو الوحيد الذي يحتاج لهذا الرقم لزوم تعديل الدستور. هم يريدونه رئيساً للجمهورية، فإن اللبنانية لن تقف عائقاً على الإطلاق، ولا فيتو لدينا على جوزيف عون.
• أخيراً، حدثت خضات أمنية وأطلقت شعارات طائفية من ساحة ساسيين، وبعد الكلام عن نقل أسلحة لحزب الله عبر مطار بيروت الدولي، هل أنت خائف على الأمن؟
بكل صراحة لست خائفاً على الأمن بوجود الجيش الحالي وقوى الأمن الداخلي. أولاً فيما يتعلق بحادثة الأشرفية فهي مؤسفة، ولن أعتبر أن هذه الفورة غير المخطط لها انطلاقاً من حزب معين ليس بقرار سياسي من أي طرف سياسي، هذه تعتبر كحادثة سير ويجب أن لا تتكرر، ولا أحملها أكثر من ذلك.
فيما الحديث عن المطار قلت رأيي منذ اللحظة الأولى، وأن حكومة تصريف الأعمال عليها أن تضع كل جهدها للتحقق من هذا الأمر حتى لو اضطر الأمر للاجتماع لأن هذا الأمر طارئ وخطير، ويجب اتخاذ التدابير اللازمة.
• هناك كلام كبير وكثير حول تموضع جديد لحزب الله بالنسبة لاتفاق الطائف والإستراتيجية الدفاعية، كيف تتعامل مع هذه الأنباء؟
أتمنى من كل قلبي أن يحدث ذلك؛ لأن من شأنه أن يحل المشكلة في لبنان. إذا قام حزب الله بمراجعة وإعادة قراءة للواقع في لبنان والوقائع في المنطقة في الوقت الحاضر وانطلاقاً منها يقوم بتغيير سياسته وترك مفاضلة القرار الإستراتيجي والدولي سيساعدنا في لبنان على حل كل الإشكالات.
• ما المطلوب من الرئيس الجديد داخلياً وخارجياً؟
على المستوى الداخلي، عليه أن يتصرف 180 درجة بعكس ما شاهدناه في السنوات الست الأخيرة، خصوصاً لجهة إعادة القرار الإستراتيجي إلى الدولة. رئيس الدولة هو أول شخص مسؤول ولو معنوياً عن إعادة القرار للدولة، وعلى الرئيس الجديد أن يحارب الفساد بكل شراسة وليس بالتصاريح لا أن يترك جماعته ومن حوله يعيثون في الأرض خرابا وفسادا مع كل مطلع شمس.
خارجياً: أن يكون موضع ثقة للدول العربية وتحديداً الخليجية، فالحكومات المتعاقبة تبذل جهداً كبيراً للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي إذا جاء رئيس جمهورية يوحي لدول الخليج بالثقة من ناحية قيام الدولة في لبنان ومحاربة الفساد، المؤكد أن دول الخليج وخلال أشهر قليلة ستساعد لبنان على تجاوز أزماته.