كتبت إستال خليل في جسور: جزين. بلدة لبنانيّة جميلة تقع جنوب البلاد. فيها ما يكفي من التمايز الجغرافي والبيئي الذي يجعلها واحدة من أجمل المناطق اللبنانيّة. هي موطن للاصطياف ومرجع سياحي جميل، لكن ورغم امتلاكها هذه المقومات إلا أنها لم تسلم من براثن السياسيين، الذين حاولوا الانقضاض عليها عبر محاصصات لم ولن يملّوا منها.
ففي سابقة من نوعها، انتصر القضاء اللبناني للبيئة في البلاد التي تمر بأسوأ أزمة إقتصادية وإجتماعية في تاريخها، وذلك رغم استفحال ووقاحة بعض المجرمين التي استمرت لسنوات.
بلدة جزين ورغم معاناتها من عشرات المجازر البيئية، كتقطيع أشجار الصنوبر البرّي المعمّرة فيها والإتجار بحطبها، وضرب ثروتها الحرجية، نجحت هذه المرة بمواجهة جلّادها وانتفضت لنفسها.
في التفاصيل، وبعد تشويه أحد الجبال والتعدي على العقارات الخاصة بالأهالي في منطقة مراح الحباس قضاء جزين، ادّعت بلدية لبعا التي يرأسها فادي رومانوس، وهو نائب رئيس اتحاد بلديات جزين، بالتنسيق مع النائب السابق زياد أسود على وزارة الصناعة ومن خلفهم التيار الوطني، مطالبين بإبطال القرارين رقم 3524/ ت و4048/ت الصادرين عن وزير الصناعة بتاريخ 19/05/2012 و17/09/2013، والمتضمنين الترخيص بإنشاء واستثمار مجبل الباطون القائم على العقار رقم 168 من المنطقة، مع طلب حفظ حقها بالمطالبة بالعطل والضرر وتضمين المستدعى بوجهها الرسوم والنفقات.
وفي تاريخ 29/11/2022، صدر قرار جاء فيه، إبطال قراري وزير الصناعة، ما يعني إنصاف البيئة.
الإدعاء على المتسببين
إلى ذلك، كشف رومانوس، بعدما توجه بالشكر إلى مجلس شورى الدولة الذي أصدر قرارا بتسكير “مجبل الموت”، أنه سيقوم بالإدعاء “على المتسببين بهذه المجزرة البيئية، بدءا من وزير الصناعة حتى كل المسؤولين الأمنيين والإداريين الذين تركوا النهر ليردم”.
وقال رومانوس في حديث لـ”جسور”، “دمروا البيئة وفتحوا مصانع من دون أي وجه حق، وقاموا ببناء منشآت مخالفة من دون رخص، والآن سنبدأ بمحاولة إزالة الضرر، والحجز على كل الأملاك وتفكيك المنشآت، وإعادة الأمور كما كانت”. وسأل: “أين هي وزارة الموارد المائية؟ ولماذا تسمح بالتعدي على الأملاك النهرية؟”.
عشرات المخالفات
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر جزينية مُطلعة، أنه “رغم عدم موافقة وزارة البيئة ولجنة الترخيص على إعطاء الترخيص بإنشاء واستثمار مجبل الباطون، حصلت الشركة العربية للأعمال المدنية عليه، علمًا ان هذه الشركة ارتكبت عشرات المخالفات والتعديات، منها تغيير معالم حدود العقارات المجاورة، وتغيير مسار الساقية ومجاري المياه الشتوية، ومسار الطرقات العامة، ورمي أتربة وبقايا الخرسانات المجبول ضمن مجرى الساقية، وغيره”.
وتابعت المصادر في حديث لـ”جسور”، “البعض يحاول تشويه البيئة في المنطقة بشتى الطرق، واستغلال الظروف السياسية وعلاقاته برجال أعمال للحصول على التراخيص التي تخدم مصالحه، ولو على حساب المصلحة العامة”.
ووفق المادة 14 من المرسوم رقم 8018/ 2002، المتضمن تحديد أصول وإجراءات وشروط الترخيص بإنشاء المؤسسات الصناعية واستثمارها، “إذا وافق وزير الصناعة على إعطاء الترخيص، أو إذا رفض إعطاءه، خلافًا لرأي لجنة الترخيص، يجب أن يأتي قراره معللا وأن تدوّن مبررات ذلك في الملف المختص المحفوظ في الوزارة، كما يبلغ صاحب العلاقة القرار المتخذ”.
الهروب من الواجبات
وبعد صدور قرار مجلس الشورى، دعا النائب السابق زياد أسود، وهو المحامي الذي بادر بالتوكل في هذه القضية، نواب حزب القوات اللبنانية في منطقة جزين إلى تعيين أو تكليف أو متابعة أي دعوى ستظهر فيما بعد في هذه القضية، لاسيما المطالبة بالتعويضات عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنطقة”.
وتابع أسود: “أنا بدوري أتنازل عن أي وكالة أو تكليف أو متابعة عن بلدية لبعا، فاسحا المجال لمن تخلف وهرب من مسؤوليته على مدى خمس سنوات، وعلى رأسهم إتحاد بلديات جزين ورئيسه السيد خليل حرفوش، الذي لم يترك مناسبة إلا واستغلها ضد موقفي لدى جميع المراجع في التيار الوطني الحر وفي مدينة صيدا ولدى أهلها وفعالياتها مع شريكه الفاسد والمتآمر مع الشركة المخالفة، ولغايات مالية وسياسية، فضلا عن الهروب من واجباتهم تجاه أهل مراح الحباس ولبعا والمحيط”. ودعا لـ”تغليب مصلحة أهل المنطقة والبيئة والقانون بدلا من السماح برمي الشائعات، واتهامنا السابق والمتكرر وعن قصد، بالطائفية والعنصرية والتطرف وافتعال الخلافات لتغطية عدم نية البعض بالقيام بواجباته”.
وأضاف أسود، “اليوم، وبعد صدور الأحكام لمصلحة المنطقة وإثبات المخالفات، لقد ثبت انني كنت على حق ومؤتمن على صحة الناس وحسن تطبيق القانون، وجاء وقت الحقيقة وإسقاط الذرائع والأكاذيب بحقي من أهل البيت ومن خارجه. وأنا اليوم متحرر من أي عبء تجاه الأحزاب، وأقول لا يوجد حاليا أي حجة لدى اتحاد البلديات لمؤازرة بلدية لبعا والجوار ولا لنواب القوات الممثلين الحاليين للمجاملات مع أي كان، أما العلاقة بين صيدا وجزين، فلا تبنى على مخالفات ولا تقوم على غض نظر ولا على شد عصب طائفي تجاهي”.
ولفت إلى أن “القانون ومصلحة الناس فوق كل المصالح السياسية والإنتخابية والدعائية والفشل واضح حتى الآن من السكوت المريع والهروب الدائم من المسؤولية الاجتماعية والسياسية والحزبية و القانونية”.
يذكر أن مجلس الحكماء في التيار الوطني الحر، أصدر في وقت سابق، قراراً بفصل النائب السابق زياد اسود من التيار.
غطاء قانوني
وفي وقت سابق، قالت البلدية إن “منطقة مراح الحباس العقارية المعروفة بواقعها البيئي المميز، تعاني منذ أكثر من 20 عامًا من آثار عمل كسارة في العقار رقم 168/ مراح الحباس، وهي قريبة من المنازل ولا تراعي المعايير البيئية، رغم المطالبات بوقف هذه الأعمال”.
وتابعت: “إن وزارة البيئة أصدرت قرارا بتاريخ 30/05/2012 يتضمّن عدم الموافقة على إنشاء معمل الاسفلت، تلافيًا للمحاذير البيئية الناتجة عنه واللاحقة بالبيئة المجاورة. لكن مع ذلك، حصلت الشركة العربية للأعمال المدنية على ترخيص إنشائه على العقار نفلسه حيث تقوم الكسارة. والغاية من هذا المجبل تأمين غطاء قانوني لاستثمار الكسارات”.
حركة سياحية نشطة
ولبعا هي إحدى القرى اللبنانية في قضاء جزين محافظة الجنوب. وتبعد 53 كلم عن بيروت العاصمة، وترتفع 360 م عن سطح البحر، الأمر الذي أكسبها مناخًا معتدلا وأبقاها عامرة بسكّانها صيفا شتاء.
وتشتهر هذه القرية كما جزين بأكملها بالطبيعة الخلّابة، التي تجعل الحركة السياحية نشطة فيها.
وجزين هي منطقة تتميّز بطبيعتها وبموقعها المشرف على جرف صخري ووديان خضراء، وتحيط بها الغابات والشلالات.
زياد أسود ينتصر للبيئة في جزين#جسور #لبنان #جزّين #زياد_أسود @ZiadAssouad pic.twitter.com/prDqj0opEQ
— Jusur (@JusurArabia) December 19, 2022
"القضاء اللبناني ينتصر للبيئة" – فادي رومانوس رئيس بلدية لبعا #جسور #لبنان #جزين #لبعا pic.twitter.com/f8n73V29U5
— Jusur (@JusurArabia) December 19, 2022