“أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي أبداً”..”السعودية تتمنى لكم كريسماس سعيد”

 

نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريراً عن حدث الإحتفالات بأعياد الميلاد (الكريسماس) في السعودية وبدأ المراسل تقريره بعبارة “السعودية تتمنى لكم كريسماس سعيدا!”، في إشارة إلى أن العالم لم يعتد من أي حاكم لهذه الدولة العربية المحافظة أن يسمح بإقامة الإحتفال بهذا اليوم الهام في التقويم المسيحي علانية.


ويشير التقرير إلى أن هذا العام بدا الأمر مختلفاً تماماً. ففي العاصمة السعودية الرياض، “أقبل السعوديون على شراء أشجار عيد الميلاد، وأعدّت صحيفة سعودية رسمية إصداراً إحتفالياً خاصاً بهذه المناسبة للمرة الأولى في تاريخ البلاد”. وكان المانشيت الرئيسي في الصفحة الأولى لصحيفة “آراب نيوز” السعودية – التي تصدر باللغة الإنجليزية – يقول “السعوديون يشعرون بروح الكريسماس أكثر من أي وقت مضى” مع توصيات للقراء بأفضل الأماكن لتناول عشاء الديك الرومي، كما كتب رئيس تحرير الصحيفة مقال رأي بعنوان “أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي أبداً” في إشارة إلى احتفالات الكريسماس غير المسبوقة في بلاده.


تجربتي الشخصية مع “الكريسماس” في المملكة:

أحيت الجالية اللبنانية والعربية في المملكة العربية السعودية عيد الميلاد هذه السنة بأجواء مفعمة بالبهجة والفرح، بعد أن كان العيد قبل بضعة أعوام حدثاً هادئاً يحتفل به الوافدون خلف الأبواب المغلقة وكانت القيود المفروضة على منتجات الإحتفال بالكريسماس – التي كان تداولها محظورا في السعودية – خُففت تدريجياً في السنوات القليلة الماضية، “لكن هذا العام، وبفضل بيئة وثقافة التسامح الديني، يتمّ الإحتفال بفترة الأعياد بشكل علني نسبياَ وباتت المراكز التجارية أكثر تحرراً وسمحت للمتسوقين العثور على أشجار العيد وعصب رأس الرنة وقبعات سانتا ودُمى الدب القطبي والتشيلو والحلي الملونة من مختلف الأشكال والأحجام والحلوى ذات الطابع الخاص بعيد الميلاد ولوازم توضيب الهدايا..


إن الإحتفال بالميلاد ليس جديداً على السعودية وهو يعود الى عقود خلت، إذ كانت العائلات الأميركية الوافدة في أربعينيات القرن الفائت تحتفل بعيد الميلاد في الظهران والرياض وتنظم العديد من السفارات والقنصليات حفلات عيد الميلاد لموظفيها وتقيم مآدب بأصناف المأكولات الخاصة بكل بلد.. ولكن بالرغم من هذا الإنفتاح لا يزال الحديث بصراحة عن عيد الميلاد أمرًا مزعجًا للكثيرين في المملكة إذ ثمة خشية من القيود السابقة ولا يزال بعض الوافدين والزوار الذين يدركون الحساسيات الدينية يعتقدون أنه من الأفضل أن يكونوا حذرين ولكن بعد العام 2016 أصبح الأمر أسهل بعد أن أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن رؤية السعودية 2030 وسمح بممارسة شعائر الأديان الأخرى غير الإسلام وتمّ مواكبة مجموعة من الإصلاحات التي من شأنها إطلاق طاقات المملكة وبناء مجتمع طموح وقوي وحيوي مع اقتصاد متنوع وايلاء الأولوية لجودة الحياة وأراد بن سلمان رسم مساراً جديداً وأكثر حداثة للبلاد متعهداً بالعودة الى “الإسلام المعتدل”، وهو قال في مقابلة العام الماضي بأن المملكة العربية السعودية “دولة متسامحة دستورها الاسلام ومنهجها الاعتدال.. نحن ببساطة نعود إلى ما اتبعناه – إسلام معتدل منفتح على العالم وجميع الأديان”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى