على الرغم من أن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت هذا العام أدت إلى التضخم وارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، ووقوع الكثير من الكوارث الطبيعية بسبب تغير المناخ، إلا أن عام 2022 حمل بين طياته الكثير من التغيرات الإيجابية أيضاً التي طال انتظارها.
في الأسطر التالية، سنلقي الضوء على أبرز الإنجازات والتغيرات الإيجابية في عام 2022.
تحول في مصادر الطاقة وتحسن في سياسات المناخ وقوانينه
سبب الغزو الروسي لأوكرانيا، بأزمة اقتصادية وإنسانية تأثرت بها كل دول العالم، إلا أن نقص إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، دفعت الأخيرة إلى البحث عن مصادر الطاقة المتجددة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي عن الطاقة العالمية، إن الإنفاق الحكومي على الطاقة النظيفة استجابة للأزمة يمثل “نقطة تحول تاريخية” للعزوف عن الوقود الأحفوري والتوجه نحو الطاقة النظيفة.
مصرفا لويدز وإتش إس بي سي من بين البنوك التي تعهدت بوقف تمويل حقول النفط والغاز الجديدة. وبالمقابل، ارتفع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
كما أصبحت أزمة المناخ هذا العام، موضع اهتمام أكثر من أي وقت مضى، مع صدور المزيد من التقارير المقلقة والطقس القاسي الذي تسبب بكوارث.
ومن الأمور المشجعة أن هناك بوادر تقدم، حيث وافقت الولايات المتحدة (ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم بعد الصين) على تشريع لتعزيز برنامج إزالة الكربون.
ووعد الرئيس الأمريكي بخفض الانبعاثات بحلول عام 2030 بنسبة 50-52٪ عن مستويات 2005، ومن ثمّ إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050 من خلال سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة.
وتشير التحليلات إلى أنه يمكن أن تنخفض الإنبعاثات الأمريكية بنسبة 44 في المئة بحلول عام 2030.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بخفض الانبعاثات بنسبة 55 في المئة هذا العقد.
وتوصل البرلمان الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لحظر بيع السيارات والشاحنات الصغيرة الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل بحلول عام 2035.
حقبة جديدة لقطارات الهيدروجين
في سابقة هي الأولى على مستوى العالم، دشنت ألمانيا خط قطارات يعمل بالهيدروجين بشكل كامل، ويبلغ طوله مئة كيلومتر ويربط بين عدة مدن ألمانية شمالي البلاد، الأمر الذي أدى إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بمقدار “4400 طنّ كل عام”.
وجرت تجربة رحلات تجارية عام 2018 باستخدام قطارين يعملان بالهيدروجين. لكن الآن، بات الأسطول بأكمله يستخدم هذه التكنولوجيا.
تعويض الدول النامية عن أضرار التغير المناخي
وأخيراً، بعد طول انتظار، وافق ممثلو الوفود المشاركة في مؤتمر المناخ (كوب 27) الذي عقد في مصر في نوفمبر/تشرين الثاني على “إنشاء صندوق لتعويض الخسائر والأضرار التي تتكبدها الدول النامية جراء التغير المناخي”.
وبموجب الاتفاق سينشأ صندوق للمناطق الأكثر عرضة للخطر في العالم، على الرغم من عدم وجود أموال حتى الآن.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاتفاق بأنه “إشارة سياسة نحن في حاجة لها”، ولكنه حذر من أن ذلك “ليس كافيا بكل وضوح”.
حق المرأة في الإجهاض
سجل المدافعون عن حق المرأة في الإجهاض انتصارات “تاريخية” في الاستفتاءات التي جرت على هامش انتخابات التجديد النصفي الأمريكية.
بعد التحول في موقف المحكمة العليا في حزيران/يونيو، التي منحت كل ولاية حرية حظر عمليات الإجهاض على أراضيها، تمت دعوة الناخبين في خمس ولايات لاتخاذ قرار بشأن هذه المسألة.
وافق الناخبون في كاليفورنيا وفيرمونت وميشيغن على إصلاح الدستور في ولاياتهم ليشمل الحق في الإجهاض بوضوح، وفقاً لشبكة إن بي سي وصحيفة نيويورك تايمز.
وبهذا، تنضم المزيد من الولايات إلى قائمة الولايات التي تؤيد وتشرع حق المرأة في الإجهاض، الذي لا يُسمح به في معظم أنحاء العالم.
وفي 21 فبراير 2022 ، قررت المحكمة الدستورية في كولومبيا أيضاً، أن الإجهاض لن يكون جريمة يعاقب عليها القانون إذا كان الحمل في شهره السادس (24 أسبوعاً)، أو أكثر من ستة أشهر في حالات الاغتصاب أو تشوه الجنين أو إذا ثبت أن الحمل خطر على حياة الأم.
وفي مالطا، قدم وزير الصحة كريس فيرن في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، تعديلاً إلى البرلمان من شأنه أن يجنب الأطباء خطر السجن (الذي يصل إلى أربع سنوات) في حال مساعدتهم النساء اللواتي يعانين من مشاكل صحية خطيرة في إنهاء الحمل.
ومن الجدير بالذكر، إن مالطا الكاثوليكية هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تحظر الإجهاض في جميع الظروف والحالات حتى لو كانت حياة الأم في خطر.
بروز النساء في مونديال قطر
أصبحت ستيفاني فرابار، الفرنسية البالغة من العمر 38 عاماً أول امرأة تحكم في مبارايات كأس العالم للرجال خلال دور المجموعات بين كوستاريكا وألمانيا.
وقالت فرابار، إن وجود تحكيم نسائي في كأس العالم يساعد في إرسال رسالة إيجابية حول حقوق المرأة في قطر.
وانضم إلى فرابار الحكمتان المساعدتان البرازيلية نويزا باك والمكسيكية كارين دياز مدينا في استاد البيت، لتشكيل أول فريق حكام نسائي في تاريخ البطولة.
فرابار هي واحدة من ثلاثة حكام تم اختيارهن للتحكيم في البطولة، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في مونديال الرجال.
كما تم اختيار الحكمتين الرواندية ساليما موكانسانغا واليابانية يوشيمي ياماشيتا أيضاً.
تعزيز حقوق مجتمع الميم
شهد هذا العام مزيداً من التقدم في التصدي للتمييز الذي يتعرض له مجتمع الميم، (على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به).
ومؤخراً، أصبحت اليونان وإسرائيل أحدث دولتين تحظران جلسات العلاج التي كانت تفرض على المتحولين جنسياً، كما قضت سلوفينيا بأن حظرها على الزواج من نفس الجنس، غير دستوري، وتعهدت سنغافورة التي لديها بعض القوانين الصارمة، بإلغاء تجريم المثلية الجنسية، كما اعترفت طوكيو رسمياً بالزيجات المثلية (على الرغم من أن المثلية الجنسية غير قانونية في اليابان) .
وفي الولايات المتحدة، وافق الكونغرس على تشريع يضمن الاعتراف الفيدرالي بالزواج بين المثليين. وجاء هذا القانون على ضوء مخاوف من أن المحكمة العليا يمكنها أن تتراجع عن دعمها للزواج من نفس الجنس كما فعلت مع حقوق الإجهاض.