قالت شابة أفغانية تبلغ من العمر 18 عاماً، إن طموحها في الحصول على شهادة جامعية بات على المحك بعد أن منعت حركة طالبان التي تسيطر على الحكم في البلاد، الفتيات من الحصول على التعليم العالي.
“لم أشعر بأي خوف لأنني أؤمن بأن مطلبي عادل”.
نظمت الشابة الغاضبة والتي تخشى أن يضيع مستقبلها وطموحها أمام عينيها، احتجاجاً منفرداً غير عادي أمام جامعة كابل، مستحضرة كلمات من القرآن.
وقفت عادلة (ليس اسمها الحقيقي حفاظاً على سلامتها) أمام المدخل ممسكة بلافتة مكتوب عليها كلمة لها معنى قوي بشكل خاص باللغة العربية وهي: اقرأ.
وهذه أول كلمة أنزلها الله على النبي محمد.
وقالت عادلة لخدمة بي بي سي الأفغانية: “لقد أعطانا الله الحق في التعليم، علينا أن نخشى الله، وليس طالبان التي تريد أن تنتزع منا حقوقنا”.
وأضافت: “أعلم أنهم يعاملون المتظاهرين بطريقة سيئة للغاية. يضربونهم ويركلونهم ويستخدمون الأسلحة ضدهم بما في ذلك صعقهم بالكهرباء ورشهم بخراطيم المياه، لكنني كنت ولا أزال أقف أمامهم”.
“في البداية لم يأخذوني على محمل الجد، ثم طلب مني أحد المسلحين مغادرة المكان”.
في البداية، رفضت عادلة الذهاب وظلت صامدة، لكن اللافتة الورقية التي كانت تحملها بدأت تلفت انتباه الحراس المسلحين من حولها تدريجياً.
بينما كانت تمسك اللافتة، بدأت بالتحدث إلى أحد أعضاء طالبان.
وتقول: “سألته: أليس باستطاعتك قراءة ما كتبته؟”.
لم يقل الرجل أي شيء، فذهبت عادلة إلى أبعد من ذلك وسألته: “ألا تستطيع أن تقرأ كلمة الله؟”.
وتقول عادلة: “غضب مني وهددني”.
تم سحب اللافتة منها وأجبرها على المغادرة بعد حوالي 15 دقيقة من احتجاجها المنفرد.
أثناء احتجاجها، كانت أختها الكبرى جالسة في سيارة أجرة تلتقط الصور وتسجل مقطع فيديو للاحتجاج.
وقالت عادلة: “بدأ الخوف ينتاب سائق التاكسي من طالبان وما قد تفعله به، توسل إلى أختي التوقف عن التصوير خوفاً من المتاعب اللاحقة، ثم طلب منها مغادرة السيارة”.
زيادة القيود على النساء
بعد الانسحاب السريع للقوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة، عادت طالبان إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021.
في بداية الأمر، منعوا الفتيات من الذهاب إلى المدارس الثانوية، ثم منعوهن من دراسة مواد معينة في سبتمبر/ أيلول من هذا العام، ولاحقاً، أخبروهن أنه لا يمكنهن اختيار جامعات خارج الأقاليم التي يعيشن فيها.
وفي 20 ديسمبر / كانون الأول، منعوهن من الالتحاق بالجامعة كلياً، مما أثار إدانة دولية، ولكن، لم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل منعوهن أيضاً من العمل في المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية بعد بضع أيام فقط.
ومنذ ذلك الحين، تحتج النساء وخاصة طالبات الجامعات على الحظر المفروض على التعليم.
واستخدم البعض شعار “مرأة ، حياة ، حرية” الذي رفعه المتظاهرون في احتجاحات إيران الأخيرة.
قال مسؤولون في جامعة كابل، حيث ترأس النساء أربع كليات، لبي بي سي إنه لا يُسمح للمدرّسات بدخول الحرم الجامعي الآن.
دعوة الرجال
الاحتجاج ضد طالبان ليس سهلاً على نساء مثل عادلة. إنها تريد من الرجال أن يظهروا شجاعة مماثلة، لكن قد يكون لذلك ثمناً.
وقالت: “أثناء احتجاجي، أراد شاب أن يصورني بينما كنت أتظاهر دعماً لي فأبرحوه ضرباً”.
قام أحد الأساتذة بتمزيق شهاداته التعليمية في برنامج تلفزيوني على الهواء لإظهار احتجاجه، وقالت المصادر لبي بي سي إن أكثر من 50 مدرساً جامعياً استقال احتجاجاً على حرمان الفتيات من التعليم.
وقال أحد المدرسين الذي ترك وظيفته إنه سحب استقالته بعد أن تعرض للضرب من قبل رجال طالبان.
لكن عادلة تعتقد أنه من الأهمية بمكان أن ينضم الأفغان إلى معركة النضال.
وقالت: “ثمة عدد ضئيل جداً من الرجال في أفغانستان ممن يقفون معنا الآن. في إيران، يقف الرجال مع أخواتهم ويدعمون حقوق المرأة”.
إذا وقفنا جنباً إلى جنب مع بعضنا البعض من أجل الحق في التعليم، فسننتصر بنسبة 100 في المئة.
مواجهة مستمرة
هناك ضغوط خارجية على طالبان أيضاً، فقد قال مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء إن منع الفتيات والنساء من التعليم “يمثل تراجعاً متزايداً عن مبادىء حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
لكن يبدو أن قادة طالبان لا يبالون.
ونقلت صحيفة غارديان، عن وزير التعليم الأفغاني، نداء محمد نديم، قوله: إن القرارات لن يتم التراجع عنها “حتى لو ألقوا بقنبلة ذرية علينا”.
وبالمثل، عادلة أيضاً عازمة ومتمسكة بحقها.
وتقول: “سأسير بخطوات بطيئة، وإن لم أستطع فعل ذلك، فسأزحف. لكنني لن أوقف كفاحي ومقاومتي”.
وتقول إنها تستطيع الاعتماد على دعم وتضامن صديقاتها. لقد قلن لها: “أنت شجاعة للغاية ونحن جميعاً معك”.
تعتقد عادلة أيضاً أن النساء في أفغانستان اليوم في وضع أفضل للفوز في هذه المعركة مقارنة بالأجيال السابقة.
وقالت: “لا نريد العودة إلى العصور المظلمة قبل 20 عاماً، نحن الآن أشجع من نساء ذلك الوقت، لأننا أكثر تعليماً ونعرف ما هي حقوقنا”.