أدى لولا دا سيلفا اليمين كرئيس جديد للبرازيل – وهي المرة الثالثة التي يتولى فيها أعلى منصب في البلاد.
وتجمعت حشود من الناس في العاصمة، برازيليا، لحضور مراسم التنصيب.
وكان السياسي اليساري المخضرم، المعروف على نطاق واسع باسم لولا، قد قاد البلاد خلال الفترة بين 2003 و 2010، وألحق الهزيمة بجايير بولسونارو في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي خطابه الأول، تعهد لولا بإعادة بناء بلد يعاني من “خراب رهيب”.
واستنكر سياسات سلفه، جايير بولسونارو، الذي سافر إلى الولايات المتحدة يوم الجمعة لتجنب مراسم التسليم.
وشارك أكثر من 60 فنانا، من بينهم أسطورة السامبا مارتينو دا فيلا، في تقديم أغانيهم في فعاليات التنصيب.
وتظهر عبارة “الحب انتصر على الكراهية” على لافتة يحملها رجل يرتدي زياً مثل لولا.
وقالت مؤيدة أخرى للرئيس الجديد بينما كانت تقف الأحد في طابور لحضور الاحتفالات: “البرازيل بحاجة إلى هذا التغيير، وهذا التحول”.
وقالت جوليانا باريتو، التي تنحدر من مسقط رأس لولا في ولاية “بيرنامبوكو”، لبي بي سي إن بلادها كانت تعيش “كارثة”.
وسار لولا ونائب الرئيس المقبل جيرالدو ألكامين في موكب عبر المدينة داخل سيارة مكشوفة، قبل الانتقال إلى مبنى الكونغرس لأداء اليمين في بداية حفل التنصيب الرسمي.
وكان الرجلان قد أمضيا الأيام الماضية في اختيار أعضاء الحكومة، وتعيين أنصارهما في الشركات الرئيسية المملوكة للدولة.
“إعادة بناء الأمة”
عقب أدائه اليمين، سعى لولا إلى بث شعور بالأمل ووعد “بإعادة بناء الأمة وجعل البرازيل للجميع”.
وكان خطاب لولا مليئا بالمشاعر، وكانت أكثر لحظاته عاطفية عندما تحدث إلى الشعب البرازيلي بعد حفل أداء اليمين، وبدأ في البكاء عندما تحدث عن أولئك الذين يتسولون عند إشارات المرور، وهم في أمس الحاجة إلى الطعام.
وربما لم يعتقد أحد حتى لولا نفسه أن هذا اليوم سيأتي على الإطلاق – العودة إلى أعلى منصب في البلاد بعد عقدين من الزمان، على الرغم من فترة سجنه بعد إدانته بالفساد. وأُلغيت هذه الإدانات لاحقًا في عام 2021.
وانصب جزء كبير من خطابه أمام الكونغرس حول الوحدة وإعادة البناء. والكلمتان مهمتان في بلد منقسم بشدة، إذ يتضرر بشدة من تبعات وباء كورونا ويعاني استقطابا سياسيًا إلى حد كبير.
ويعرف لولا أن التحدي النهائي الذي يواجهه سيكون إقناع أولئك، الذين يشعرون أنه سياسي فاسد مكانه السجن، بأن مكانه هو القصر الرئاسي مرة أخرى ويمكن أن يكون زعيمهم أيضًا.
وتعهد الرجل بالتراجع عن إرث حكومة سلفه، والتي قال إنها خفضت التمويل المخصص للتعليم والصحة والحفاظ على غابات الأمازون المطيرة.
تحول لافت
ووسط هتافات كبيرة من الحضور في الكونغرس، وعد أيضا بإلغاء قوانين الأسلحة المثيرة للجدل التي أقرها سلفه بولسونارو على الفور.
ومضى لولا يقول إن حكومته لن تكون مدفوعة “بروح الانتقام”، ولكن أولئك الذين ارتكبوا أخطاء سيحاسبون على أخطائهم.
وأشار على وجه الخصوص إلى سياسات بولسونارو الخاصة بوباء كوفيد 19، واتهمه بالتسبب في وفيات كبيرة في البرازيل أثناء الوباء، الأمر الذي يحتاج إلى تحقيق كامل.
وفي تحول سياسي لافت عن إدارة بولسونارو، أعيد تعيين مارينا سيلفا – وهي واحدة من أشهر نشطاء المناخ في البرازيل – وزيرة للبيئة والمناخ. ويتوقع منها أن تحقق تعهد لولا بالوصول إلى “وقف إزالة الغابات تماما” في الأمازون بحلول 2030.
ولوح كثيرون من بين الحشود المحتفلين بلافتات أو ارتدوا قمصانا عليها عبارة “الحب ينتصر على الكراهية”، في إشارة إلى العبارة التي شعر الكثيرون أنها جاءت من بولسونارو.
لكن التنوع والشمول كانا أيضا جزءا كبيرا من حفل تنصيب لولا داسيلفا. ومع تخلي بولسونارو عن واجبه الرسمي الأخير المتمثل في تسليم الوشاح الرئاسي لخلفه، تُرك الأمر لإيني سوزا، عامل جمع القمامة ليحظى بهذا الشرف.
وكان يقف بجانب لولا زعيم من السكان الأصليين وصبي أسود البشرة وناشط معاق.
ونشرت ولاية برازيليا كامل قوتها الشرطية – أي حوالي 8,000 شرطي – في المدينة وسط مخاوف من أن يسعى بعض أنصار بولسونارو إلى تعطيل المراسم.
وقالت الشرطة العسكرية البرازيلية إن رجلا اعتقل، أثناء محاولته دخول منطقة التنصيب وهو يحمل سكينا ومفرقعات.
وكانت الشرطة قد اعتقلت الأسبوع الماضي أحد أنصار بولسونارو، بتهمة وضعه متفجرات على شاحنة وقود بالقرب من مطار في العاصمة عشية عيد الميلاد. وقال الرجل إنه كان يأمل “بزرع الفوضى” قبيل حفل تنصيب لولا.
وبقي أنصار آخرون للرئيس المنتهية ولايته معسكرين خارج مقر الجيش، حيث يطالبون الجيش بتنفيذ انقلاب عسكري. وحاولت الشرطة إبعاد المتظاهرين الخميس، لكنها انسحبت بعد أن ردوا بعنف.
لكن بولسونارو أدان الاحتجاجات على هزيمته في الانتخابات، داعياً أنصاره إلى “إظهار أننا مختلفون عن الطرف الآخر، وأننا نحترم الأعراف والدستور”.