تسعى الجزائر إلى تشجيع القطاع السياحي في البلاد، من خلال إجراءات جديدة كـ”تأشيرة التسوية” للسياح الأجانب، فضلا عن فتح خط جوي مباشر بين باريس وولاية جانت، للتحفيز على زيارة جنوب البلاد ذي المؤهلات الحضارية المهمة.
ومن بين الترتيبات التي باشرتها السلطات الجزائرية، مؤخرا، لصالح السياح الأجانب “تأشيرة التسوية” التي استبدلت التأشيرة العادية حتى لا يحتاج المتقدمون وقتا طويلا.
وتم تخصيص هذه التأشيرة للسياح الأجانب الراغبين في زيارة جنوب الجزائر عن طريق وكالات السياحة المحلية المعتمدة، خلال موسم السياحة الصحراوية الذي ينطلق عادة في شهر نوفمبر.
في غضون ذلك، يحفز فتح الخط الجوي باريس (فرنسا) جانت (جنوب الجزائر) السياح على التوافد للصحراء الجزائرية عبر هذا الخط الجوي المباشر الذي أطلق منتصف شهر ديسمبر الماضي، فيما تم تصنيف هذه الخطوة بمثابة إضافة جديدة في سياق تنشيط السياحة بالمنطقة.
ترحيب بالخطوة
رحب ممثلو وكالات السياحة المحلية بهذه القرارات التي اعتبروها بمثابة “رغبة جدية” من أجل تحريك النشاط السياحي بجنوب البلاد.
وبحسب رئيس الجمعية الوطنية لوكلاء السفر، محمد أمين برجم، فإن تمكين السياح الأجانب الراغبين في زيارة جنوب الجزائر من تأشيرة تسوية بدل ترتيبات التأشيرة العادية “قرار جريء”، مبينا “حضور إرادة قوية من أجل الدفع بالقطاع السياحي لإيجاد مكانة في المنظومة الاقتصادية”.
وشرحت وزارة الداخلية الجزائرية المسعى الجديد في بيان لها بالقول: “يستفيد السياح الأجانب المعنيون من وثيقة تسلم لهم عن طريق وكالاتهم السياحية، تسمح لهم بالركوب عبر الطائرات التابعة لمختلف شركات الطيران بالمطارات القادمين منها. كما يستفيدون مباشرة عند وصولهم من تأشيرات التسوية بالمدة التي تتوافق مع فترة الرحلة السياحية المنظمة لهم، وذلك وفق التشريع والتنظيم المعمول بهما”.
وأكد رئيس الجمعية الوطنية لوكلاء السفر، برجم في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” انخراط وكالات السياحة والسفريات الجزائرية في مسعى الترويج للسياحة الصحراوية، مفيدا بأنه “سوف تبرمج رحلات بالتنسيق مع الخطوط الجوية الجزائرية من أجل تحضير برامج لاستقبال العديد من السياح”.
وحول مسألة خدمة النقل الجوي للسياحة الصحراوية، أبرز برجم أن “الجزائر تملك مطارات دولية كثيرة في شمال وجنوب البلاد وبإمكانها استقبال رحلات مباشرة من كل أقطار العالم”، موضحا في السياق ذاته، أن “جلّ الأسواق التقليدية للسياحة الجزائرية تعرف بلادنا جيدا”.
تحريك العجلة الاقتصادية
وفق أرقام رسمية بخصوص السياحة الصحراوية قدمها مدير السياحة والصناعة التقليدية لولاية جانت التي تبعد بـ2300 كيلومتر عن الجزائر العاصمة، فإن تعداد السياح بلغ منذ بداية الموسم وإلى غاية مطلع شهر ديسمبر الفارط، نحو 2728 سائحا من بينهم 1000 سائح أجنبي من مختلف الجنسيات و1728 سائحا محليا.
ويعتبر القطاع السياحي من أبرز القطاعات التي بإمكانها درّ عائدات مهمة بالعملة الصعبة على الخزينة العمومية، وبذلك يعول عليها من طرف الحكومة لتحقيق “وثبة” في المداخيل خارج المحروقات في الفترة الراهنة.
ووفق الخبير الإقتصادي، عمر هارون، فإنه “إذا تطورت فكرة تأشيرة التسوية وقدم لها ما تستحقه من ترويج على المستوى الدولي باستطاعتنا الوصول إلى مليون سائح سنويا، وهو الأمر الذي إن تحقق يعتبر قفزة نوعية”.
وأوضح هارون لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “هذا الرقم الذي قدمه وهو مليون سائح ستكون لديه نتائج اقتصادية، ولن تشمل المداخيل المباشرة فقط، إذ سيعمل على تطوير الصناعات التقليدية والحرفية وتحريك نشاط الفنادق والإقامات ومراكز الترفيه مما سيحدث دينامية اقتصادية في هذه المناطق”.
واعتبر المتحدث أن “القطاع السياحي من شأنه المساهمة في دينامية الصادرات خارج المحروقات التي بلغت السنة الماضية 2022، ما بين 6.5 إلى 7 مليارات دولار، وهو ما يساهم في تنمية وتطوير الاقتصاد الجزائري الذي يتجه إلى تنويع في مصادر الدخل”.
الصحراء الجزائرية.. متحف مفتوح
علاوة على المناظر الطبيعية الساحرة التي تمتاز بها الصحراء الجزائرية بما تحمله من رسوم ونقوش حجرية تعود إلى فترة إنسان ما قبل التاريخ إذ توصف بـ”المتحف المفتوح على الطبيعة”، يستمتع السياح الأجانب بمعارض الصناعات التقليدية ومحتويات الأسواق الشعبية التي توفر ملابس وأزياء تقليدية لسكان تلك المناطق خاصة في فترة أعياد نهاية السنة.
ويرغب عادة السياح الأجانب من جنسيات مختلفة الذين يقصدون الجزائر زيارة المسالك السياحية خاصة المتواجدة في مناطق تادرارت الحمراء إلى إسنديلن وإهرير وسفار وغيرها من الجهات التي تمتاز بمناظر طبيعية خلابة، وتراهن الجزائر على كنوزها الثقافية ومعالمها المعمارية لتحويل جنوبها الكبير إلى قطب جاذب للسياح.
وتحتوي صحراء الجزائر التي تقارب مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع على العديد من المعالم الأثرية والثقافية الغنية بأسرارها، إضافة إلى خمسة مواقع ثقافية مصنفة على رأسها محمية “طاسيلي ناجر” الشاسعة والمصنفة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ 1982.