يثير #أندرو تيت، الناشط البريطاني الأميركي، الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب المتحوى الذي يبثّه، والذي يقوم على “#كراهية النساء“، وحقق له هذا الأمر شهرةً واسعة على الإنترنت، وكان قد اعتُقل في رومانيا بتهمة الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة والاغتصاب.
يصف تيت نفسه بأنه “كاره للنساء”، ويعتبر أنه “لا توجد طريقة لكي تكون منتمياً إلى الواقع من دون أن تكون متحيزاً جنسياً”، كما يدعو إلى اختصار وجود النساء كأنهم “مجرد خاضعات للرجال”.
وما يزيد من خطر طريقة تفكير تيت، أن للأخير الملايين من المعجبين الافتراضيين على منصات التواصل. وحققت مقاطع الفيديو التي تحمل وسم #AndrewTate، على تطبيق “تيك توك” وحده، مشاهدات وصل عددها إلى أكثر من 12,7 مليار مشاهدة، بما في ذلك مقاطع الفيديو التي صنعها أشخاص ينتقدون أندرو تيت، مستخدمين الوسم ذاته، وفق ما نشرت شبكة “بي بي سي”.
لغة فظّة وسوقية
يمكن أن تكون اللغة المستعملة في هذا النوع من مقاطع الفيديو فظّة ومباشرة و”سوقية”، لكن يبدو أن هذه الأفكار تحظى بجاذبية في أوساط جيل من المراهقين والشباب الذكور.
وهذا يستدعي ما هو أكثر من مجرد توجيه الانتقادات اللاذعة لبعض تصريحات تيت، فقد تخطى الأمر ذلك، ليصبح مصدر قلق حقيقي بالنسبة للآباء والمعلمين، ونشطاء حقوق الإنسان في الآن نفسه، وفق تقرير الشبكة البريطانية.
من جهتها، تقول الكاتبة والناشطة النسوية ناتاشا والتر لشبكة “بي بي سي”: “أجد أنه من المقلق للغاية أن الكثير من الشباب ينجذبون إلى هذا النوع من الشخصيات، وأحد الأمور المقلقة هو أن بعض الدراسات الاستقصائية الأخيرة أظهرت أن الرجال الأصغر سناً لديهم مواقف متحيّزة ضد النساء، أكثر من الرجال الأكبر سناً في جميع المجالات”.
بدوره، يعتقد ريتشارد ريفز من معهد “بروكينغز”، أن شعبية تيت تكمن أيضاً في الاستغلال الذكي للخوارزميات الخاصة بالمنصات العديدة، التي كانت مقاطع الفيديو الخاصة به تنشر عبرها.
وقد قامت العديد من شركات التواصل الاجتماعي، ومن ضمنها “فايسبوك”، “يوتيوب”، “إنستغرام”، و”تيك توك”، بحظر أندرو تيت، وقد قالت الشركة الأخيرة إن “كراهية النساء هي أيديولوجية بغيضة، لا يمكن التسامح معها”.
كما حظر تيت من استخدام حسابه على موقع “تويتر” بسبب تغريدة قال فيها إن على النساء “تحمل المسؤولية” عن تعرضهن للاعتداء الجنسي. لكن الموقع أعاد له حسابه لاحقا.
انتشار كراهية النساء
يشير ريفز إلى أن “تيت أردك أن أهمية أن تكون مكروهاً على الإنترنت تعادل تماماً أهمية أن تكون محبوباً، فالكارهون يجلبون المتابعين، والعكس صحيح أيضا”.
ويضيف: “المتابعون الذين يشكّلون مصدر قلق هم الذين في الحقيقة يصدقون ما يقوله”.
وفي المملكة المتحدة على سبيل المثال، يواجه المدرسون أعداداً متزايدة من التلاميذ المعجبين بتيت.
في السياق، تقول الصحافية والكاتبة صوفيا سميث غالر، التي تدرس التحيّز الجنسي في المجتمعات عبر الإنترنت، “إن تيت بالتأكيد ليس المزوّد الوحيد لهذا النوع من المحتوى، بل ثمّو وفرة من مثل هذا المحتوى، ونحن نعلم أن المحتوى الكاره للنساء على الإنترنت قد شهد تزايداً ملحوظاً منذ جائحة كورونا، لكنه في الحقيقة مستمر، منذ أن بدأنا استخدام الإنترنت”.
هو لماذا يحصل هذا؟
يقول فرانك فوريدي، الأستاذ الفخري لعلم الاجتماع في جامعة كنت البريطانية، إن “المحتوى الموجود على الإنترنت لا يمكن فصله عن السياق الموجود في العالم الحقيقي، وترتبط تجربة الشخص على الإنترنت ارتباطاً وثيقاً بتجربته حين لا يكون متصلاً به، والعديد من الأشياء والقضايا التي نناقشها على الإنترنت الآن كانت موجودة قبل أن توجد وسائل التواصل الاجتماعي.”
ويؤكد فوريدي على أن “الكثير من هذه الأشياء يشهد انتشارا في العالم الواقعي، ومثل هذه الآراء يأتي في الأساس من تطلعات الناس إلى أن يكون لهم صوت، ومن رغبتهم في نيل الاهتمام”.
ويرى البروفيسور فوريدي أن الحاجة إلى نيل الاهتمام والتقدير تتحقق عبر الإنترنت.
ويقول “أعتقد أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي هذه توفر فضاءات، يمكن للناس فيها أن يحصلوا على الانتباه، وهم يعتقدون أنهم يحظون بالاهتمام أو التقدير على أساس الإدلاء بتصريحات بذيئة أو صادمة”.
ما هي المعالجات لهذه المشكلة؟
يعتقد الأكاديمي فوريدي أن غياب ضبط النفس على الإنترنت هو أحد أعراض “مشكلة موجودة خارج الاتصال بالإنترنت، ما يعني أن علينا بطريقة ما الاهتمام بالعالم الواقعي للأشخاص في عمر الشباب، والذكور منهم على وجه الخصوص”.
لكن ناتاشا والتر ترى أن “هناك مخاطر من تحول التركيز على القضية إلى حالة يظهر فيها الرجال وكأنهم ضحايا، والأهم بكثير هو معالجة قوالب نمطية جنسانية، تضر النساء والرجال على حد سواء”.
وتقول “يجب أن يكون الرجال والنساء قادرين على العمل معا لكسر الروابط بين الذكورة والعنف، أو بين الأنوثة والعمل غير المأجور، أو بين الأنوثة والجاذبية الجنسية”.
فهم أسباب ارتفاع الطلب على المحتوى
إلّا أن ريتشارد ريفز يصر في المقابل على أهمية فهم الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الطلب على المحتوى الرقمي الكاره للنساء، ولا يعتقد أن “الاهتمام بهذه الأشياء سببه فقط أن كل هؤلاء الرجال والفتيان كارهون للنساء، ولكن لأن كثيراً منهم لديهم معاناة في سوق العمل، والحياة الأسرية والمدارس”.
ويتابع “إن قولي هذا لا يقلل بأي حال من الأحوال من حجم العمل، الذي ما زلنا بحاجة إلى القيام به بخصوص النساء والرجال”.
ورغم أن بعض أكبر منصات التواصل الاجتماعي في العالم، قد حظرت أندرو تيت، يعتقد خبراء أن هناك الكثير من العمل، الذي لا يزال يتوجب القيام به.