إنجاز كبير واستثنائي تحقق كضوء في نفق مظلم، بالرغم من تفاقم الأزمات المعيشية والحياتية عند اللبنانيين وتضاؤل فرص تحقيق المطالب، ليأتي هذا الانتصار المطلبي كمعجزة منتظرة للمعهد الوطني العالي للموسيقى بأساتذته وموسيقييه وأوركستراته وإدراييه وموظفيه وجميع العاملين في الصرح الوطني، ويؤمن لهم حقوقهم المنشودة، ضامناً بذلك استمرارية المعهد وبقاءه منارة مشعّة في لبنان والمنطقة.
تمثّل هذا الإنجاز في إقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، مشروع قانون يسلك طريقه إلى مجلس النواب، يتضمن تأمين الاعتمادات اللازمة لدفع الزيادات على بدلات ساعات التدريس، كما إقرار تعويضات العاملين في الأوركسترا الفلهارمونية والأوركسترا الشرقية والموظفين والإداريين، وجميع مستحقات العاملين في المعهد حتى نهاية العام، وجميع المساعدات الاجتماعية والمستحقات الأخرى العالقة منذ العام 2022. وأتى ذلك بطلب من وزير الثقافة محمد وسام المرتضى بإدراج مشروع القانون من خارج جدول الأعمال.
إقرار مشروع القانون جاء ثمرة جهود استثنائية بذلتها رئيسة المعهد الوطني العالي هبة القواس منذ أشهر، عبر لقاءات مكثفة واجتماعات وزيارات متتالية للمعنيين والمرجعيات، آخرها يوم الجمعة الماضي مع الرئيس ميقاتي توصلا خلالها إلى اجتراح حلول ومخارج قانونية أوصلت الملف إلى خواتيمه السارة. وذلك حرصاً من القواس وإصراراً منها على تحقيق مطالب العاملين في المعهد، كخطوة جبارة في خطة النهوض التي تعمل عليها منذ تسلمها مهامها، وذلك درءاً لأي خطر قد يطال المعهد في المستقبل نظراً للصعوبات التي يمر بها كسائر المؤسسات الحكومية. وصولاً إلى إعدادها مشروع القانون، السالف الذكر، بإشراف مستشارة وزير المالية السيدة عليا عباس، ومساعدة الفريق الإداري في وزارة المالية، وفريق الكونسرفتوار الإداري الذي بذل جهداً كبيراً لإنجاز المشروع بسرعة قياسية.
وفي تصريح لها، شكرت القواس كل من عمل على تحقيق هذا الإنجاز، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي “المؤمن بقضية المعهد الوطني العالي للموسيقى ودوره الحضاري وتأثيره الثقافي في لبنان والمنطقة. والذي عاهد نفسه وعاهدنا منذ البداية أن لا يألو جهداً في سبيل إبقاء شعلة هذا الصرح مضاءة. وهذا ما عمل عليه طيلة هذه المدة في احتضان كامل لقضية الكونسرفتوار ورعاية غير مسبوقة، متحدياً أصعب العقبات عبر إيلائه المعهد وأساتذنه وأوركستراته وموظفيه عناية خاصة ومميزة، مُظهراً أقصى درجات التضامن والدعم، ليس فقط للمعهد، إنما لما يمثله الكونسرفتوار من انعكاس للثقافة نستعيد عبرها الدور الثقافي المحوري للبنان”. وذلك، تضيف القواس، “عبر الوعي العميق من الرئيس ميقاتي بالدور الذي يؤديه الكونسرفتوار في تفعيل اقتصاد المعرفة واقتصاد الثقافة كرافعة للاقتصاد اللبناني، فضلاً عن الحفاظ عليه كركيزة داعمة لصورتنا في العالم، وكل ذلك من خلال دعم القائمين عليه من موسيقيين وإداريين وأساتذة الذين لم يتوانوا بأي لحظة عن العمل الجاد والمتفاني”. كذلك، شكرت القواس الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية على جهوده ودعمه، ونوّهت بجهود مجلس الإدارة والهيئتين الإدارية والتعليمية وعلى كل ما بذلوه من تفانٍ في سبيل تحقيق أهداف المؤسسة”.
وتابعت: “كل ذلك لم يكن ليتحقق لولا مساعي الوزير المرتضى، حامل لواء الكونسرفتوار والداعم الأول منذ اللحظة الأولى، واضعاً كل إمكاناته في خدمة هذا الصرح الذي حمل قضيته بمتابعة مستدامة ومساندة قوية لمطالبنا، وهذا الإنجاز تحقق بسبب رغبته العميقة في استعادة ألق المؤسسة والنهوض بها”.
كذلك توجهت القواس إلى وزير المالية الأستاذ يوسف الخليل بالشكر الخاص “على مساعيه الكبيرة والاستثنائية في إقرار هذا الملف وإعطاء المعهد الأهمية التي يستحقها، رغم الضغوط المالية الكبيرة، ما ينمّ عن حسّ عالٍ بالمسؤولية وحرص على المؤسسات الوطنية والحفاظ عليها”. وتوجهت أيضاً بالتحية والامتنان لمجلس الوزراء مجتمعاً للمساهمة في هذا الإنجاز، وختمت رئيسة المعهد بالتأكيد على متابعة المسار الذي بدأت به عبر استرتيجية متكاملة للنهوض بالصرح الوطني.