“السادس من فبراير الجاري هو اليوم الأخير من مرحلة لم ندرك فيها أننا كنا سعداء، فبعد هذا التاريخ دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها الخوف والقلق. نعم الزلزالان اللذان ضربا تركيا وسوريا لم يسفرا عن أضرار مادية في لبنان، لكن الأضرار النفسية التي تسببا بها لسكان هذا البلد كبيرة جداً”.. بهذه الكلمات بدأت ريان الحديث عن حالتها النفسية “المستجدة”.
ما يزيد الطين بلة، كما تقول ابنة طرابلس شمال لبنان، أنه “حتى هذه اللحظة لا زلنا نعيش تحت وقع الهزات الأرضية بشكل شبه يومي، والخوف الأكبر من تكرار التجربة المريرة وما شعرنا به فجر ذلك اليوم، ورغم أننا كلبنانيين لم نعش في أمان وهدوء ورخاء منذ سنوات، فدائما لدينا خوف من حدوث تفجير او انفلات أمنى، إلا أن هذا النوع من المخاوف اعتدنا عليه، أما ما نخشاه الآن فهو من المجهول الذي من الصعب كثيراً النجاة منه”.
وتضيف: “لم يعد المنزل مصدر الأمان ولم يعد الليل للسبات، أصبحت أتمنى ألا يحل الظلام وارتعب حين تنقطع الكهرباء، أشعر أن الزلزال سيضرب بين اللحظة والأخرى وأن الموت يتربص بي وبعائلتي، أفكر كيف سنهرب وهل سنتمكن من النجاة قبل هبوط المبنى؟ أم أن مصيرنا كما مصير عشرات الآلاف من السوريين والأتراك الذين خطف الزلزال أرواحهم بغتة”.
الأزمات المتتالية التي يمر بها اللبنانيون رفعت لديهم منسوب الحساسية عند أي أزمة جديدة يواجهونها، كما تقول نقيبة النفسانيين في لبنان، الدكتورة ليلى عاقوري ديراني، شارحة في حديث لموقع “الحرة” أن “اللبنانيين وصلوا إلى مرحلة لم يعد باستطاعتهم معها تحمل المزيد، حيث انخفضت دفاعاتهم النفسية، وهو ما يفسر الهشاشة التي يظهروها في ردات فعلهم عند حدوث الهزات الأرضية”.
بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية حول العالم في عام 2019، مليار شخص من بينهم 14% من مراهقي العالم، بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في يونيو الماضي.
“أرضية خصبة” للاضطرابات النفسية
أربعون ثانية كانت كفيلة بترك أثار نفسية مرهقة ومؤلمة على وداد، وبحسب ما تقوله “أعيش فوبيا من الزلازل بكل ما للكلمة من معنى، أعاني من اضطرابات في النوم وعدم القدرة على العمل وإتمام المهام، لم أعد أرغب في التواجد في المنزل الذي تحوّل فجأة إلى مساحة مرعبة، وبعد الذي حصل أدركت أن ارتداء ملابس النوم نوع من الرفاهية والرخاء، فها أنا أرقد بملابس الخروج خوفاً من وقوع زلزال واضطراري للنزول إلى الشارع”.
وتضيف في حديث لموقع “الحرة” “كانت لحظات أقل ما يقال عنها مرعبة حين استيقظت على الهزة في ذلك اليوم، اعتقدت بداية أني أحلم بكابوس وإذ بي أدرك الحقيقة، عندها فقدت السيطرة حتى على الوقوف للهرب، بدأت أصرخ وأدعي الله أن يرحمني، شعرت كم أن الانسان مخلوق ضعيف وكم أن فكرة الموت مخيفة، وهل من يصدق أنني هربت وعائلتي إلى الشارع قبل أيام لنعلم بعدها أنه كان يتهيأ لنا وقوع هزة”.
تهز الهزة الأرضية بحسب ما تشرح الاخصائية النفسية دانا سرحان “إحساس الناس بالأمان وتزيد شعورهم بالخوف والقلق وتحدث لديهم صدمات واضطرابات النفسية، ونتيجة الأزمات المتراكمة التي مرّ بها اللبنانيون، من وباء كورونا إلى انفجار المرفأ فالأزمة الاقتصادية وغيرها الكثير، فإن وقع هزة أرضية ولو بسيطة، يكون كبير جداً عليهم”.
وتضيف في حديث لموقع “الحرة” “اللبنانيون متعبون في الأساس، فكيف إذا اهتز الأمان وسط منزلهم، وكون الأمر تكرر عدة مرات، فإن منسوب الفزع يرتفع من تجدد الهزات الأرضية في أي لحظة، هذا الخوف المستجد قد يؤدي عند البعض إلى إعادة احياء صدمات نفسية قديمة، منها مشاهد الموت والدمار التي أسفر عنها انفجار الرابع من آب”.
كذلك تؤكد الطبيبة النفسية في جمعية “إمبريس”، ميريام زرزور، أن الهزات الأرضية التي شعر به اللبنانيون في الفترة الأخيرة زادت من الضغوط التي يعيشونها، “من جائحة كورونا وما نتج عنها من فقدان عائلات لأحد من أفرادها أو أكثر، إلى الأزمة الاقتصادية وما تسببت به من ارتفاع منسوب البطالة وخسارة المودعين أموالهم في المصارف، وكذلك انفجار المرفأ الذي أدى إلى خسارة عدد كبير من اللبنانيين لأحبائهم وأرزاقهم وفقدانهم الشعور بالأمان في منزلهم وبلدهم”.
أيقظت الهزات الأرضية، بحسب ما تقوله زرزور، لموقع “الحرة” “اضطراب ما بعض الصدمة الذي تسبب بها انفجار المرفأ لدى معظم اللبنانيين من كل الفئات العمرية، لاسيما أن اللحظات الأولى للهزة كانت مشابهة للحظات الأولى للانفجار الذي سبقها حينها كما أشار البعض، وبما أن عدداً كبيراً من اللبنانيين لم يتلقوا العلاج، اكتشفوا عند أول هزة ارضية أنهم لم يتخطوا الصدمة، لذلك يمكن تفسير عوارض القلق الشديد ونوبات الهلع التي تظهر عليهم الآن”.
من جانبها تقول عاقوري “لا شك أن الأزمات التي يمر بها لبنان أدت إلى ارتفاع منسوب القلق والإحباط بشكل كبير لدى جميع الفئات العمرية، والخوف من تكرار الهزات الأرضية يقف وراء تخّيل بعض اللبنانيين أن الأرض تهتز بهم” مضيفة “تصرفات عدة أقدم عليها المواطنين تشير إلى مخاوفهم، منها مغادرة منازلهم والسكن في الجبل، أو اصطحاب أولادهم عند اضطرارهم للخروج”.
سيطرة القلق وترقب الأسوأ
منذ استيقاظها على تأرجح الفراش والثريا وتخبط اللوحات بالجدران وتمايل الخزانة في الغرفة، وليا تعاني هاجس تكرار المشهد، وبحسب ما تشرحه “يومياً أتخايل أن الأرض والثريا تهتزان، فقدت قدرتي على التركيز، أجلس في الصف من دون الانتباه إلى شرح المعلمة، أفكر ماذا سيحل بنا فيما لو ضرب زلزال وكيف ستتساقط الجدران ويتطاير الزجاج، اسأل نفسي من سيساعدني في تلك اللحظات وأنا على يقين أن لا أحداً سيبالي بالآخر، اذ حينها سيفرّ كل منا محاولاً النجاة من الموت الشره الذي سيهاجمنا جمعياً من دون أن يفرق بين كبير وصغير”.
ابنة الـ 14 سنة باتت تخشى البقاء في المنزل وحدها، وكذلك النوم في غرفتها، وتقول لموقع “الحرة”، “لا أريد أن ينهار المبنى وأبقى تحت الركام بعيدة عن والديّ وأشقائي، اذ كيف لي أن أتحمّل الظلام والركام وحدي فيما لو لم ألفظ آخر أنفاسي” مشددة “ترعبني فكرة الموت كذلك فقدان أي من أفراد عائلتي، وإلى حد الآن لا يمكنني استيعاب كيف خسر أطفال في سوريا وتركيا كل عائلتهم، وأنه كتب عليهم أن يعيشوا أيتاماً من دون أم وأب وحتى أخوة”.
على الأهل، كما تشدد عاقوري “عدم إظهار خوفهم أمام أولادهم، حيث يفترض أن يضبطوا أنفسهم ويشجعونهم، فخوف الصغار ينتج من خوف الكبار”، ولفتت إلى أنه “ليس بالضرورة أن يؤدي الخوف الذي يعتري اللبنانيين كبارا وصغارا من الهزات الأرضية إلى اضطرابات نفسية على المدى البعيد”.
من عوارض القلق الشديد، كما تشرح زرزور “صعوبة النوم والكوابيس في المنام والخوف المستمر من القادم والأفكار السلبية بشأن وقوع كارثة، كذلك ارتفاع نسبة العصبية والحزن، وحتى الشعور بالذنب، من ناحية إكمال الحياة بشكل طبيعي رغم سقوط آلاف الضحايا والدمار الذي طال كل من سوريا وتركيا”، وتشدد “هذه العوارض طبيعية خلال الشهر الأول من التعرض لصدمة ما، ويشفى منها الشخص رويداً رويداً، لكن إذا استمرت لمدة تزيد عن الشهر حينها يجب مراجعة معالج أو طبيب نفسي لتلقي العلاج مما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة”.
وفي دراسة أجرتها الجامعة الأميركية اللبنانية عام 2021 ظهر أن “16.17 في المئة من اللبنانيين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة، يعانون من اكتئاب شديد منذ انفجار مرفأ بيروت، في حين تعاني 40.95 في المئة من النساء من اضطراب ما بعد الصدمة، كما أوضحت الدراسة أن 59.5 في المئة ممن يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة هم من الفئة الأكثر فقراً، ومنهم من تضرر بشكل مباشر من انفجار المرفأ”.
كما توصلت دراسة علمية بشأن الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، أعدّها باحثون في الجامعة الأميركية في بيروت إلى أن “نسب الإصابة بالاضطرابات النفسيّة لدى الأطفال والمراهقين في لبنان ارتفعت بعد انفجار المرفأ، إذ يسجّل القلق 65 في المئة، أما اضطرابات الكرب ما بعد الصدمة فتسجل ما نسبته 52 في المئة فيما تصل نسبة المصابين بالاكتئاب إلى 30 في المئة”.
عوائق في طريق العلاج
تؤكد وداد أنها مصابة بجرح نفسي عميق، وبأنها تعلمت دروساً عدة من اللحظات المرعبة التي عاشتها، منها أن “الموت قريب جداً منا من دون أن نعلم متى سينقض علينا، بدأت أواظب على الصلاة والتقرب من الله بالدعاء وكلي أمل أن أنتصر على الخوف الذي أفقدني الرغبة بكل ما كان يفرحني قبل السادس من شباط، وإن لم أستطع تجاوز هذه المرحلة بمفردي لن يكون أمامي سوى استشارة نفساني”.
أما ريانن ففكرت بزيارة أخصائي نفسي لمساعدتها على ضبط خوفها وقلقها، لكن بحسب ما تقول “اعتقد أن كلفة الجلسة كفيلة بالتسبب بأزمة نفسية أخرى لي، فعلى الرغم من أهمية الصحة النفسية لكن لدي مسؤوليات كبيرة، من هنا لم أقدم على هذه الخطوة لاسيما وأن أي علاج يتطلب عدة جلسات، وبدلاً من ذلك أحاول وأصدقائي دعم بعضنا البعض، كما أبحث عبر الإنترنت عن حلول لتخطي هذه الحالة، إضافة إلى ممارسة الرياضة، لكن اعتقد أن استمرار الهزات الأرضية حتى الآن سيؤخر شفائي”.
وتضيف “على الاختصاصيين والأطباء النفسيين مراعاة ظروف اللبنانيين وتقديم الوضع الإنساني على الربح المادي، والقيام بمبادرات اجتماعية، فحالة الخوف والقلق والهلع والفوبيا تطال فئات كبيرة من المجتمع، في وقت السلطة السياسية غارقة في تفاصيل أخرى وغائبة حتى عن طمأنة المواطنين أو مصارحتهم بحقيقة الوضع”.
عوائق عدة تحول دون تمكن الأشخاص من طلب العلاج النفسي رغم حاجتهم له، منها كما تقول زرزور “ارتفاع كلفة الاستشارة الطبية والعلاج النفسي في العيادات الخاصة، وعدم معرفة البعض بوجود مراكز تقدم خدمات نفسية مجانية، لا بل بعض من يعلمون بها لا يستطيعون تحمل كلفة التنقلات أو شراء الأدوية التي سيتم وصفها لهم، لاسيما بعد رفع الدعم عن أغلبيتها وبالتالي ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مما أجبر بعض المرضى على تخفيض كمية الأدوية التي يحتاجونها ومنهم من توقف عن تناولها كلياً”.
كذلك تشير عاقوري إلى أنه ” إذا كان هناك عيادات شبه مجانية تقدم خدمة العلاج النفسي كما في مستشفى الجامعة الأميركية، فإن بعض المواطنين يعجزون ليس عن دفع كلفة الجلسات، بل توفير بدل التنقلات”، وفيما يتعلق بالأدوية أجابت ” في بداية الأزمة الاقتصادية لم تكن جميع الأدوية الأساسية متوفرة، أما الآن فأغلبيتها يمكن العثور عليها في الصيدليات”.
وسبق أن كشفت نقابة الصيادلة في لبنان، سنة 2020، عن “ازدياد استهلاك مضادات الاكتئاب والمهدئات بنسبة 20 في المئة عما كانت عليه، وهذا يعني أن هذه الأدوية لم تعد محصورة بالمرضى فقط، وإنما تطال شريحة أوسع من الناس”.
أما سرحان فتقول “لا شك أن الأزمة الاقتصادية ارخت بظلالها على اللبنانيين المحتاجين إلى علاج النفسي كونه مكلفا، بغض النظر عن وجود مؤسسات وجمعيات تقوم بهذه المهمة بأسعار مخفضة، في حين يختلف سعر جلسات العلاج في العيادات الطبية بحسب اختصاص وخبرة كل طبيب واخصائي”.
“تتعرّض الفئات الأفقر والأكثر حرماناً في المجتمع، في مختلف البلدان، لمخاطر اعتلال الصحة النفسية أكثر من غيرها في حين تتدنى أيضاً فرص حصولها على الخدمات الملائمة والكافية على الأرجح”، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وأشارت المنظمة العالمية إلى أنه “حتى قبل جائحة كوفيد-19، لم تكن خدمات رعاية الصحة النفسية الفعالة والجيدة والميسورة التكلفة متاحةً إلا لنسبة صغيرة ممن يحتاجون إليها. فعلى سبيل المثال، تفتقر نسبة 71% من المصابين بالذهان حول العالم إلى خدمات الصحة النفسية. وفي حين تصل نسبة المصابين بالذهان الذين يتلقون العلاج في البلدان المرتفعة الدخل إلى 70%، فإن النسبة المقابلة لها في البلدان المنخفضة الدخل لا تتجاوز 12%”.
أما بالنسبة للاكتئاب، فلفت التقرير إلى أن “الفجوة في التغطية العالمية واسعة في جميع البلدان، فحتى في البلدان المرتفعة الدخل لا يحصل على خدمات رعاية الصحة النفسية الرسمية سوى ثلث المصابين بالاكتئاب، وتشير التقديرات إلى تفاوت نسب من يتلقون علاجاً مناسباً في الحد الأدنى للاكتئاب بين 23% في البلدان المرتفعة الدخل و3% في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
الحالات إلى ازدياد
على عكس ما يعتقد البعض بأن الأزمة الاقتصادية أدت إلى تراجع عدد اللبنانيين الذين يطلبون العلاج النفسي نتيجة ارتفاع كلفة العلاج، فإن الفترة الأخيرة شهدت، بحسب ما تؤكده زرزور، ارتفاع كبير بعدد المرضى، شارحة: “منذ انفجار المرفأ ونحن نقدم خدمات صحة نفسية مجانية في مركز الجمعية، إن كان استشارات طبيبة نفسية او علاج نفسي خاص وجماعي، وما نلمسه ازدياد الطلب إلى درجة أن تحديد موعد أولى الجلسات لشخص يكون بعد عدة أشهر”.
عوامل عدة تؤدي إلى ارتفاع الطلب على العلاج النفسي، منها كما تقول زرزور “الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وكل ما يواجهه اللبنانيون منذ أربع سنوات إلى الان، إضافة إلى انخفاض عدد الأطباء النفسيين في لبنان نتيجة الهجرة، مما فرض على مرضاهم البحث عن بديل يؤمن لهم الخدمة النفسية”.
كذلك تشير عاقوري إلى ارتفاع الطلب على العلاج النفسي، “لا سيما أن المعالجين النفسيين يراعون الوضع، إضافة إلى توفر هذه الخدمة في عدد كبير من المراكز المنتشرة في معظم المناطق اللبنانية بدعم من البرنامج الوطني للصحة النفسية الذي ترعاه وزارة الصحة، والمبادرات التي تقوم بها جمعيات ومعالجين نفسيين أخذوا على عاتقهم تأمين نوع من الحصن الاجتماعي النفسي”.
وفيما يتعلق بعدد الجلسات التي يحتاجها المريض، تشرح عاقوري” الأمر يتوقف على الحالة، وأحيانا كثيرة يكتشف النفساني أن خلف الاضطراب الذي يعالجه اضطرابات أخرى أكثر عمقاً، ومع ذلك يحاول النفسانيون عدم إطالة مدة العلاج للتخفيف عن كاهل المرضى وطأة التكاليف المادية”.
نصائح تخطي المرحلة
جهز سامي حقيبة فيها أوراق عائلته الثبوتية وشهادات أبنائه الجامعية وما يملكه من مال وكيس من الفواكه المجففة، وضعها على مقربة من باب المنزل استعداداً لأي طارئ، ويقول “كل الأزمات التي مررنا بها لا تقارن بما نعيشه اليوم، فلم تعد تعني لي الاخبار السياسية ولا الاقتصادية وحتى الأمنية، أصبحت أتابع خبراء الجيولوجيا فقط”.
ويشدد “مشاهد الدمار والموت التي وصلتنا عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من الأسباب الرئيسية لارتفاع منسوب خوفنا على أنفسنا وأولادنا، وتصريحات خبراء الجيولوجيا زادت الأمر سوءا، لاسيما من حذرنا منهم بأن زلزالاً عظيماً بانتظارنا خلال الأسبوع الأول من الشهر القادم”.
أثبتت مختلف الدراسات المتعلقة بمتابعة وسائل الاعلام بحسب زرزور أنه “كلما ازدادت مدة متابعة الأشخاص لأخبار القضايا التي تثير قلقهم كلما ارتفع منسوب القلق لديهم، وكذلك الحال فيما يتعلق بالتطبيقات الخاصة بوقوع هزات أرضية، التي لجأ إليها البعض لمعرفة مكان وزمان ودرجة الهزات التي تضرب دول العالم” ونصحت الجميع “بتخصيص وقت محدد للاطلاع على آخر المستجدات من دون التركيز على الأمور التي لا يمكنهم السيطرة عليها، واكمال روتين حياتهم الطبيعية والمحافظة على نظام نوم وطعام صحي”.
أما عاقوري، فدعت الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام إلى عدم اثارة الهلع، مشددة على ضرورة مراقبة الوالدين لما يتصفحه أبناؤهم، “ليس فقط فيما يتعلق بمحتوى مشاهد الدمار التي يتم نقلها، بل كافة المحتويات التي يتابعونها”، مضيفة ” يفترض أن يتخذ الوالدان الاحتياطات بحسب الإرشادات التي أوضحتها الجهات المعنية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الهزات الأرضية أحداث طبيعية لا يمكن لأحد التحكم بها”.
وكون الهزات الأرضية مستمرة، فإن الشعور بالخوف، بحسب سرحان، “أمر طبيعي”، ناصحة اللبنانيين بعدم التفكير بإمكانية حدوث هزات جديدة من عدمه، “بل عليهم أن يعيشوا بشكل طبيعي، أي أن يأكلوا ويشربوا ويناموا وحتى يتنفسوا بشكل صحيح، مع العلم أن التنفس السريع في حالة الفزع يزيد التوتر، وعند انتهاء هذه الفترة غير الطبيعية التي نمر بها، على كل من يستمر الخوف بالسيطرة عليه زيارة معالج أو طبيب نفسي”.