خلال الأيام الماضية وبعدما اكتشفت مصرية تقيم في أستراليا، مفاجأة كبيرة حول أصولها وجذورها، وارتباطها وراثيا وجينيا بمومياوات من عصر الفراعنة وتحديدا العصر الصاوي، توالت إجابات كثيرة حول سؤال شغل المصريين من زمن وهو: من أين ينحدرون؟ وما هي أصولهم؟ وهل يرتبطون بالفراعنة والمصريين القدماء؟
وقبل أيام أجرت المصرية تريفينا باسيلي، وهي مسيحية من مواليد مدينة طنطا بمحافظة الغربية شمال مصر، فحصا جينيا لتعرف أصولها، فاكتشفت أنها تنتمي جينيا ووراثيا للحوض المصري الفرعوني القديم من العصر الصاوي، حيث تتشابه في الملامح والجينات وبنسبة تطابق كبيرة مع المصريين القدماء دون أي أصول أخرى، سواء أوروبية أو إفريقية، وأنها امتداد مباشر لمومياوات العصر الصاوي.
وقالت تريفينا باسيلي لـ”العربية.نت” إنها علمت بنتائج تحاليلها مع مومياوات العصر الصاوي، لدرجة تماثل تصل إلى 100% من الأصول المصرية القديمة، بفارق 0.029، دون أي أصول أجنبية أخرى أو حتى إفريقية، مشيرة إلى أنها تشعر بالفخر لوصولها إلى هذه النتيجة معربة عن اعتزازها بانتسابها للمصريين القدماء.
ويكشف محمد عبدالهادي، الباحث الذي أجرى الفحص الوراثي بالحاسبات لتريفينا لـ”العربية.نت” بعض الدراسات التي تناولت الفحص الجيني للمصريين، ومدى ارتباطها بالجينوم الوراثي المصري القديم.
وأضاف أن “الدراسات المختلفة أثبتت وجود استمرارية بين المصريين الحاليين والقدماء، وتحليل تريفينا كان قريبا من المومياوات، ومن نفس الحوض الوراثي، كما أن عدة مراكز علمية أثبتت وجود تطابق كثير بين المصريين المسلمين والمسيحيين ورجوع الاثنين لنفس الأجداد”.
وقال عبدالهادي إن دراسات جينية أجريت على فحص المصريين الحاليين، ومن خلال عينات من مختلف الأقاليم، وأظهرت النتائج تشابها كبيرا مع المومياوات المصرية. وعليه فالتركيبة الجينية المصرية ثابتة، ولم تتغير على مر آلاف السنين، مضيفا أنه تم تتابع التطور في فحص الهياكل القديمة والطفرة الجينية في تحديد السلالات لتحديد الارتباط الجيني بين المصريين الحاليين والقدماء، وكانت النتائج قريبة.
وذكر أن أكبر دراسة وأكثرها شمولاً تمت بأيادٍ مصرية، حيث تضمنت مشاركة جهات طبية متخصصة و”جامعة القاهرة” و”مركز البحث العلمي” في العام 2020، وأظهرت نتائج حاسمة من تشابه المسلمين والمسيحيين جينياً في عموم مصر، وبالتالي فالطرفان يرجعان إلى نفس الأجداد القدامى.
ووفق الدراسة العملية التي اطلعت عليها “العربية.نت”، فإن الهدف هو دراسة الارتباط بين ترددات الأليل allele (الأليل هو شكل مختلف من الجينات)، لتسعة مواضع وراثية قصيرة والتكرار الترادفي (STRs) (D3S1358، VWA، FGA، THO1، TPOX، CSF1PO، D5S818، D13S317، و D7S820) للمجموعتين، وهما بمعنى العرقيتين المصريتين الرئيسيتين، المسلمون والمسيحيون، من أجل اختبار فرضية وجود سلف مشترك لعموم الشعب المصري. وتم في الدراسة تمثيل كل مجموعة بعينة من 100 فرد أصحاء غير مرتبطين.
وأضافت الدراسة أنه تم التحقق من الارتباط الجيني للمجموعتين العرقيتين باستخدام إحصائيات ترددات الأليلات، والطب الشرعي ومخططات تجانس السكان، وتم استخدام الأساليب الرسومية للتحقق من الانسجام بين المجموعتين، وأظهرت النتائج النهائية أن المصريين المسلمين والأقباط نشأوا وراثيًا من نفس الأصل.
واستخدمت الدراسة تقنية أخرى شائعة وفعالة تستخدم في توصيف علم الوراثة السكانية، وهي مواقع الصفات وأنظمة تحليل الحامض النووي ودراسة العلامات الجسدية لدراسة الاختلافات الجينية. كما تم مقارنة تواترات الأليلات لتسعة مواقع جسمية للمسلمين والأقباط المصريين لتقييم الارتباط الجيني والتقارب بين المجموعتين، وبناءً على الدراسة أظهرت النتائج تجانسا وراثيا كبيرا بين المجموعتين العرقيتين، وهو ما يعني ارتباط المجموعتين لنفس الأجداد.
ويقول الباحث المصري في حديثه مع “العربية.نت” إن هناك تصريحات سابقة للدكتور هاني سيد حافظ، أستاذ البيولوجيا والتشريح بـ”جامعة السويس” عن الجينات المصرية، كشف فيها أن ألوان بشرة المصريين القدامى هي نفس ألوان المصريين الحاليين، بحسب الدراسات، كما كشف أن التشابه بين أبعاد جماجم وهياكل المصريين القدامى مع الحاليين يعتبر شبه تام.
ويقول عبدالهادي إن كل هذه المعلومات تؤكد أن الثبات السكاني المصري معروف وثابت، وأن المصريين الحاليين هم أحفاد لأجدادهم المصريين القدماء، مؤكدا أن دراسة أخرى أجريت في العام 2017، ذكرت التشابه الكبير بين المصريين حاليا وبين سلالات المصريين القدامى.
وتابع أن النقاء العرقي يعتبر خرافة، لكن الاستمرارية الكبيرة بين المصريين وأجدادهم القدماء باتت محسوسة ومحسومة، وعلى مستويات عديدة.