اعتبر رئيس المركز الدولي للدراسات الجيوسياسية والاقتصادية، المفكّر السياسي الدكتور محمد وليد يوسف، أنّ الوقائع السياسية القائمة في المنطقة حالياً تشير إلى “عودَة الأسدَيْن” أي إيران وتركيا إلى موقعَيْ القطبين الإقليميَيْن، محذّراً من أنّ اتفاق بكّين بين السعودية وإيران لن يمنع الأخيرة عن التوسع ونشر النفوذ والهيمنة في الشرق الأوسط”.
وفي دراسة جديدة نشرها المركز تحت عنوان: “عودة الأسدَيْن… إعادة التركيب الجيوسياسي”، ذكر الدكتور يوسف أنّ “العرب كانت تسمّي فارساً والروم الأسدَيْن قبل ظهور الاسلام، وذلك لقهرهما شعوب وأمم منطقة الشرق الأوسط وغلبتهما على الساحة الجيوسياسية في العراق وسوريا والشام ومصر وجزيرة العرب واليمن والبحر المتوسط، وتقاسم النفوذ الحصري على دائرته الجيوسياسية”.
وأضاف أنّه “عند النظر والتمحيص في الوقائع السياسية في الشرق الأوسط فإنّ عين الراصد لا تخطئ عودة الأسدَيْن فارس والقسطنطينية (اسطنبول) إلى موقعَيْ القطبين الإقليميين في المنطقة”.
وقدّم الدكتور يوسف في مطالعته الأدلّة على ذلك، مشيراً إلى “دائرة النفوذ والحلفاء التي أقامتها إيران خلال 3 عقود في العراق وسوريا ولبنان واليمن وعُمان وقطاع غزّة”.
أمّا بالنسبة لتركيا، فأوضح المفكّر السياسي أنّها “تقوم بإنشاء دائرة نفوذ حصرية في المنطقة، وإن كانت متأخرة عن إيران في ذلك، إلا أنها تسعى بشدة لبلوغ ذلك ودليل ذلك نفوذها في قطر وليبيا وأذربيجان وشمالي قبرص وشمالي سوريا وشمالي العراق”.
ولفت الدكتور يوسف إلى أنّ “سعي إيران إلى بناء دائرة النفوذ الحصرية وإعادة التركيب الجيوسياسي للشرق الأوسط بعد غزو الولايات المتحدة للعراق واسقاط نظام صدام حسين عام 2003 كان توطئة لعودة “الأسد الإيراني” إلى سابق عهده قبل الاسلام في صنع القرار في منطقة الخليج وجزيرة العرب وشطر من الشرق الأوسط”.
في المقابل، نوّه إلى أنّ “سعي “الأسد الرومي” (تركيا) كان خفياً أو لم ينتشر النكير عليه بذريعة من المذهب السني الحنفي الذي تعتنقه تركيا بخلاف إيران الشيعية التي شاع وفاض النكير على سعيها الجيوسياسي”.
واعتبر أنّ “نهج إصلاح العلاقات بين تركيا وبلدان الجوار والذي تسلكه إدارة أردوغان منذ عام 2021 تغيير تكتيكي وليس نهجاً استراتيجياً”.
وكشف أنّ “التنازع لا يزال قائماً على العراق وسوريا وبلاد الشام وجزيرة العرب ومصر بين فارس والروم ثمّ بين البويهيين الفرس الشيعة وبين السلاجقة الأتراك السنّة ثمّ ما بين الامبراطورية الصفوية الشيعية والسلطنة العثمانية السنية ليبلغ يومنا هذا بين إيران وتركيا”.
وجزم بأنّ “دائرة النفوذ التركية وإن كانت أضعف من الدائرة الايرانية لحداثة عهدها إلا انها ستشمل السعودية والامارات والكويت والبحرين، ولن تحيط بها مثل الدائرة الإيرانية، نتيجة التوافق في المذهب السني، بل ستشملها في دائرتها خشية من الدائرة الجيوسياسية الايرانية المحيطة المحدقة المتربصة بها”.
ورأى أنّ “انصراف السعودية والامارات عن الاستراتيجية العسكرية بعد اخفاق التحالف العربي في حرب اليمن إلى المشاريع الاقتصادية لن تغني شيئاً ما لم تقترن باستراتيجيات أمنية وعسكرية تحفظ وتصون تلك الاستثمارات الطائلة”.
ولفت إلى أنّ “العدول المفاجئ للسعودية والإمارات عن الاستراتيجيات العسكرية منذ عام 2022 وانصرافهما إلى مشاريع التنمية الكبرى لن تدفع عنهما استراتيجيات إيران وتركيا وسعيهما لبناء دوائر نفوذٍ جيوسياسية في جوارهما أو تشملهما”.
وخلص إلى أنّ “الدول مثل الكتل المادية الكبرى لا يمنعها شيء عن التأثير والفعل الفيزيائي، وكذلك فإنّ اتفاق بكين لن يمنع الدولة الإيرانية عن التأثير الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعن التوسع ونشر النفوذ والهيمنة”.
للاطلاع على الدراسة كاملة اضغط على الرابط الآتي: https://icger.co/329-2/