غرفة مغلقة للإثارة… وحلبة فرنسيّة في لبنان

أثيرت موجة استنكار واسعة في الساعات الماضية تعليقاً على بيان صدر عن البرلمان الأوروبي، تناول في الفقرة 13 منه ملف النازحين السوريين في لبنان، وما فُهم منه أنه طالب بإبقاء النازحين في لبنان. إلا ان اللافت كان تجاهل مختلف البنود الـ12 الأخرى والمرتبطة بلبنان أيضاً والبالغة الأهمية، ما يطرح تساؤلات عدة تستحق التوقّف عندها.

الجدير بالذكر أولاً أن “لا مفاعيل قانونية أو مالية لهذا البيان، أو القرار، مهما كان مضمونه، فالقرارات التي تصدر عن البرلمان الأوروبي هي نوع من توجهات عامة”، كما يوضح المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصايغ في حديث لموقع mtv.

ويشير الصايغ الى أن “لا جديد في هذه الفقرة التي أثيرت حولها الضجة، فالتوجّه العام هو تأمين عودة طوعية وآمنة للنازحين، وما جاء في هذه الفقرة هو أن الظروف غير مؤمنة الآن إضافة الى استدامة الدعم المالي والاقتصادي والاجتماعي للشعب اللبناني بسبب الأزمة، واستدامة دعم اللاجئين للحفاظ على الاستقرار”، مشدداً على أن “البيان لم يذكر إبقاء النازحين في لبنان، وكل ما ورد في الإعلام لا علاقة له بمضمون النص الذي لم يقل إبقاء النازحين إنما توفير شروط عودتهم”.

ولكن لماذا كل هذه الضجة إذا كان البيان لم يقل ببقاء النازحين مع ما يحمله هكذا خطاب من استحضار لمخاوف تاريخية من مشاريع للتوطين في لبنان؟

“يبدو أن غرفة مغلقة تولّت عملية الإثارة على هذا البيان والإيعاز ضده من باب فقرة النازحين للتعمية على كل ما ورد فيه”، يقول الصائغ، “متعمدة تجاهل كل البنود التي تتحدث عن استباحة سيادة لبنان وتكريس الفساد ومنع التحقيق في تفجير المرفأ والدعوة لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية وتحوّل لبنان الى بؤرة مهددة للاستقرار الاقليمي والدولي والاعتداء على أموال المودعين، وهنا يكمن بيت القصيد، فالمشكلة في البنود الـ12 قبل الفقرة 13 عن النازحين”.

وتوقف الصائغ عند مقدمة البيان، وممّا جاء فيها “استنادها الى تعطيل بعض القوى السياسية للانتخابات البلدية وانتخابات رئاسة الجمهورية والتهديد بالعقوبات، الأمر الذي لم يأت على ذكره أي أحد من المعترضين، رغم أن هذا الموقف يُعتبر تغيّراً راديكالياً في السردية لدى الاتحاد الأوروبي في مقاربته للوضع اللبناني، منتقلاً من مقاربة العوارض الى المسببات وهذه مسألة جوهرية”، مستطرداً: “نقطة جديدة لا بد من الانتباه اليها في البيان وهي الإدانة للمنظومة السياسية واستثمارها بالخطاب السياسي الشعبوي ووضع المجتمع اللبناني في مواجهة مجتمع النازحين، والتحذير من التوترات بسبب وجود خطاب تحريضي وتصعيدي”.

وعن دعوة لبنان لتوقيع اتفاقية 1951 وبروتوكولاتها التي صدرت عام 1967، اعتبر أن “مسألة توقيع المعاهدات الدولية مرتبطة بقرار سيادي، وهذا تمنّي من قبل البرلمان الأوروبي ولا يعني أننا ملزمين به. وبأي حال فإن لبنان يحترم اتفاقية 1951 من دون توقيعها لأننا نميّز بين كل فئات اللجوء والهجرة واللاجئين الفلسطينيين انطلاقاً من ارتباطهم بالقرار 194 الذي ينص على حق العودة”.

ولكن يبدو أن هناك ما هو أبعد من صدور البيان، حيث “كان لافتاً ما صدر عن النائب الفرنسي تياري مارياني الذي كان أول مَن أثار الموضوع، وهو ينتمي الى حزب التجمع الوطني وأحد أذرع الزعيمة اليمينية الفرنسية مارين لوبين، هذا الحزب الحليف لروسيا وسوريا وإيران، والذي يتبنى السردية التي هي ضد سردية الاتحاد الأوروبي بكل ما يجري في الشرق الأوسط والعالم، وإذ به يدافع عن عودة النازحين في وقت يعرف أن قوى الأمر الواقع في سوريا تعرقل هذه العودة. ليردّ عليه أحد النواب الجمهوريين الفرنسيين كزافييه بيلامي بأن كل ما قاله لا علاقة له بالواقع مشدداً على العودة الآمنة للنازحين”. بالتالي ما حصل، بحسب الصايغ، “هو جزء من الصراع الفرنسي الفرنسي الذي أُدخل الى السياق اللبناني كما أُدخل السياق اللبناني الى الصراع الفرنسي الفرنسي”.

وفي المحصّلة، على لبنان الذهاب الى دبلوماسية مبادرة تطرح العودة مع الشركاء في الاتحاد الاوروبي. فإذا كان يعتبر لبنان جزءا من الأمن القومي الأوروبي وجب حينها التفكير بكيفية إنجاز عملية العودة كي ينعم لبنان بالحد الأدنى من الهدوء، ومعه أوروبا.

المصدر:mtv

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى