- بقلم الآنسة جان دارك عموس
لا يكاد يمرّ يوم إلّا ونسمع فيه أخبارَ الجرائم المنتشرة في لبنان، قتل، تعنيف، اغتصاب، سرقة… وصولاً إلى جريمةٍ اعتدنا أن نسمع عنها من الحين إلى الآخر… جريمة “ترك حديثي الولادة” على الطّرقات بلا مصير…
إستفاق اللّبنانيون، صباح يوم الأربعاء الفائت، على خبر إيجاد رضيعة في طرابلس داخل كيس يُستخدم عادةً لجمع قمامة المنازل، يجرّها كلبٌ، نعم، كلب أخذها ليجدَ لها مأوىً يليق بها، بعدما تُركت من قبل من يُفترض أن نقولَ عنهما “أهلها”.
واليوم، نستفيق على خبرٍ آخر، فقد تمّ العثور على طفلَيْن آخرَيْن على قيد الحياة داخل كرتونة تحت جسر نهر ابراهيم، لكنّهما أيضاً نُعِما بالأب مجدي علّاوي، خادم جمعية “سعادة السّما” الذي اهتمّ لأمرهما كاهتمام الوالدَين.
لا أفهم، أيعقل أن يكونَ الضّمير ميتاً إلى هذا الحدّ؟ أين الإنسانيّة؟ ولماذا يعتبر البعض أن الطّفل مجرّد دمية؟ أو أن السّلطة مطلقة على تلك الأرواح البريئة؟
لا يا سادة، إنّ الأطفال هم ملائكة الأرض، هم بذرة حبّ زرعها الله في عالمنا، زرعها وحمّلنا مسؤولية إعطائهم الحق بالحياة، وليس سلطة التّعامل معهم وكأنّهم نفاية، نرميهم حين نشاء، نعنّفهم ونفجّر غضبنا عليهم ونحمّلهم كل مشاكلنا، ونفرّغ “عقدنا” و”حاجاتنا” فيهم…
لا يا سادة، تلك الأمور ليست ضمن قائمة حقوقكم، بل هي ضمن لائحة الممنوعات، ومن أعظم خطايا الإنسان، فمن يتعرّض لملائكة الأرض لا ضمير ولا قلب لديه…
أمّا للذين سيعطون التّبريرات للأم والأب، فأنتم شركاء في الجريمة، لا بل تشجعون على ارتكابها! لا يوجد سبب يعطي الحق برمي الأطفال، فالكلب الذي هو مجرّد حيوان حلّت الرّأفة في قلبه وعرف أن ذلك عار ومعيب، فحمل الطّفلة وجرّها لينقذها، أمّا الأهل فقد تركوا الصّغيرة لمصيرٍ نهايته الموت.
ولولا تدخّل الرّحمة الإلهيّة ككلّ مرّة، لما أُنقذت روح الطّفلين أيضاً.
لمن يقول أن المرأة قد تكون اضْطرّت على حمل هذه الرّوح في أحشائها “بالغلط” أو نتيجة اغتصاب، ولا قدرة لديها أو لدى الوالد على تحمّل مصاريف العناية بالطّفل، فهذه الحجج لا تنفع بل تزيد الطّين بِلّة، فمن الممكن اللّجوء إلى مراكز تُعنى بهكذا حالات مع الطّلب بعدم الإفصاح عن الاسم، وهذه المراكز منتشرة في لبنان، ولكن، أن يُرمى طفلٌ في أولى أيامه في ظلام اللّيل وتحت أشعّة الشّمس الحارقة، وداخل كيس أو كرتونة فهذا هو التّصرّف المُخجل والمُهين!
إلى متى؟ إلى متى ستبقى تلك الجرائم بحقّ الطّفولة مستمرّة؟ إلى متى سيبقى الطّفلُ رهينةَ خلافاتٍ أو ذنوبٍ لا علاقة له فيها؟
نحن بأمسّ حاجة إلى تطبيق صارم للقوانين بحقّ كلّ من يستهتر بتلك الأرواح، وبحاجة أكثر إلى الكفّ عن استثناء الرّضّع من بين ضحايا جرائم القتل العمد أو محاولة القتل التي تنفّذ من خلال رميهم بهذه الطريقة… على أمل أن تستيقظَ الضّمائر!