في ظلّ الحرب الجارية حاليّا، يعرب تجمّع رجال وسيّدات الأعمال في لبنان (RDCL) عن قلق القطاع الخاص اللبناني العميق، وعن معارضته الشّديدة لتورّط لبنان في أي حرب. ويحثّ التجمّع بشدّة جميع الأطراف المعنية للاستماع الى هذا النّداء الانساني والوطني، وإعطاء الأولويّة المُطلقة للاستقرار، ممّا يحمي لبنان من مخاطر الحروب والدّمار والمجازر غير الانسانية الناتجة عنها.
إنّ اقتصاد لبنان هشّ ويتأرجح على حافة الهاوية، بفعل تراكم الأزمات التي يواجهها حاليًا. وبالتالي، فإنّ اندلاع حرب سيؤدي إلى تأجيج تحدياتنا الكارثية الحالية. في هذا الإطار، إنّ امتداد النّزاع الى لبنان سيحمل معه تداعيات كارثيّة، بما في ذلك:
– أولاً، ستؤدي الحرب إلى خسائر كبيرة بين المدنيين، تحمل معها الموت واليأس والدّمار، كما وزيادة هجرة الأدمغة الحالية التي يعاني منها لبنان.
– ثانيًا، ستقوّض الحرب الاستقرار الماليّ الضّعيف، مسبّبة تراجعا إضافيا للعملة اللبنانية، مما سينتج عنه تراجع القوة الشرائية، وتدهور الخدمات العامة، الأمر الذي سيهدد في النهاية بانهيار الدولة بالكامل.
ثالثًا، ستؤدي الحرب إلى تهجير مئات الآلاف من المواطنين، مما سوف يزيد من حدة التوتر في بلد يرزح أصلا تحت عبء النّزوح غير المنظّم. وهذا سيؤدي إلى الفوضى العارمة، وسينتج عنه تبعات اجتماعيّة وأمنيّة شديدة الخطورة.
رابعًا، سيعاني الاقتصاد اللبناني بشدّة إذا تم تقييد حركة التحويلات المالية الدولية، مما يضع في دائرة الخطر تحويلات المغتربين الماليّة، وهي تقدّر ما بين ٦ و٧ مليار دولار سنويّا، كما وسوف تتوقّف حركة التجارة الدولية مع لبنان.
– خامسًا، أظهرت التجارب السابقة أن الحرب تستهدف البنية التحتية التي هي أصلا في حالة انهيار، بما في ذلك الإنترنت والكهرباء وشبكات الطرق، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات على القطاعات الحيويّة مثل التعليم والرعاية الصحية والتجارة وغيرها.
سادسًا، ستتعرض البنية التحتيّة الاستراتيجية كالمطار والموانئ وشبكات النقل للخطر، مع تداعيات خطيرة على سلسلة التوريد. اضافة الى ذلك، فإنّ الحرب في سوريا والعقوبات الدّولية المفروضة عليها، ستتسبّب في حال اندلاع حرب في نقص كبير في موادّ ضروريّة كالمحروقات والغذاء والأدوية وغيرها (خاصة وأنّ لبنان يستورد اكثر من ٨٠٪ من احتياجاته الاستهلاكية). علاوة على ذلك، ستسبّب الحرب في تدمير قطاع السياحة الذي يسهم بأكثر من 6 مليارات دولار سنوياً في الاقتصاد.
– سابعًا، انّ الحرب اذا حصلت، فإنها ستؤدّي الى توقّف إمكانية التنقيب عن النفط والغاز بسبب تصاعد المخاطر.
– أخيرًا، ستسبب الحرب ضغطا هائلا على إيرادات الدولة، مما سيبدّد ما تبقى من احتياطيّ بالدولار لدى مصرف لبنان. وهذا سيعيق القدرة على إعادة إحياء الاقتصاد بعد إجراء الإصلاحات التي طال انتظارها.
بناء على ما تقدّم، يعتبر التجمّع أنّ هذه الأمور مجتمعة ستؤدي إلى تدمير القليل المتبقّي من لبنان والقطاع الخاص الشرعي، والقضاء على آلاف فرص العمل، وإرجاع لبنان إلى العصر الحجري، بموارد غير كافية للنّهوض، مما سيؤدي إلى خسائر كارثية ولا يمكن عكسها للأجيال القادمة.
إنّ أغلبيّة اللبنانيين ترفض أن يتم جرّ لبنان إلى حرب. نحن نعلم أن ما نتناوله في هذا البيان الصحافيّ معروف جيّدا. ومع ذلك، قررنا أن نعلن موقف التجمّع والقطاع الخاص اللبنانيّ بصوت عالٍ، مطالبين الحكومة والمجلس النيابي والمعنيين كافة بالعمل الحازم، والتعبير عن رفض لبنان بالتورط في الحروب. كما يحثّ التجمّع كلّ الذين يشاركونه قلقه من هذا الوضع الخطير، أن يعبروا عن آرائهم بصوت عالٍ لكي يُسمع من قبل جميع الأطراف المعنية.
ختاما، يتطلع التجمّع إلى تعزيز موقع لبنان كواحة للاستقرار والحوار في المنطقة، عوضا عن السماح بالانجراف إلى الحروب، وكلّ المجازر غير الانسانية الناتجة عنها.
حافظوا على لبنان، “لبنان الرسالة” كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني. ولنعد كذلك للرسالة العامة Fratelli Tutti”جميعنا إخوة” لقداسة البابا فرنسيس، متوجّها لأولئك الذين يمتلكون نية حسنة وضميرًا حيًا، لإعادة الخير من أجلنا ومن أجل الجميع لاستعادة وعي الإنسانية. وقد أُعيد صدى هذه الرسالة مع الإمام الأكبر للأزهر الشيخ أحمد الطيب الذي قال أنها ”امتداد لوثيقة الأخوة الإنسانية و تخاطب أصحاب الإرادة الخيرة، والضمير الحي، وتستعيد للبشرية وعيها”.