
كان تأثر السفير البابوي باولو بورجيا كبيراً وهو يجول، بالأمس الأربعاء، مع فريق مؤسسة “سوليداريتي” ورئيسها شارل الحاج على عدد من القرى المسيحية في الشريط الحدودي. هذا ما ينقله الحاج وكل من شارك في الجولة، بمن فيهم رئيس بلدية عين إبل عماد اللّوس.
تأثر السفير البابوي مرده “لمشاهدته البلدات الخالية وكأنها مدن اشباح فيما اصوات القذائف تدوّي، وقد اشتدّت منذ ما بعد الظهر”، على ما يقول الحاج لـ”المدن”. يضيف “حتى الناس التي بقيت في بلداتها لا تغادر منازلها إلا للضرورة”.
يشرح الحاج لـ”المدن”، أن الزيارة أتت “على خلفية طلب رئيس بلدية رميش ميلاد العلم مساعدة “سوليدارتي”. ولما كنت على بينة بأن السفارة البابوية وكاريتاس وغيرها تقدم مساعدات، اتصلت بالمسؤولين فيها ومن بينهم السفير البابوي للتنسيق معهم”.
ولاحقاً، اتصل السفير البابوي مبدياً رغبته بمرافقتنا لزيارة المنطقة، بعد أن استاذن البابا فرنسيس وأمين سر الفاتيكان بياترو باروليني. و”قد شملت الجولة بلدات رميش، عين إبل ودبل وحضر وفدان من علما الشعب والقوزح”.
أجريت الاتصالات الضرورية بالسفارة الإيطالية و”اليونيفيل”، وتحديداً القوة الإيطالية. وجال بورجيا لأكثر من خمس ساعات على القرى المسيحية الحدودية.
هاجس التعليم
الهمّ الأساسي لدى سكان المنطقة ومسؤوليها تمحور حول التعليم. فالمدارس مقفلة والعائلات نزحت مع أبنائها إلى بيروت.
يؤكد رئيس بلدية عين إبل “اننا نقلنا للسفير بورجيا و”سوليدارتي” هاجسنا الأساسي وهو مدرسة راهبات القلبين الأقدسين المقفلة راهناً في عين إبل والتي تضم نحو 900 طالب من البلدة ومن البلدات المجاورة. وقد أبدى السفير تفهمه وتعاطفه. وبادرت سوليدارتي إلى اقتراح حلول والعمل عليها”.
ويشرح الحاج، “بحثنا مع مدارس المنطقة إمكانية التعليم عن بعد للتلاميذ المقيمين في بيوتهم في القرى الحدودية أو للنازحين إلى أماكن أكثر أمناً. ويبقى هاجسنا جميعاً ألاّ تتطور الأمور ويعود الجميع إلى قراهم. فالخوف جديّ من التحاق الطلاب بمدارس في مناطق نزوحهم فلا يعودوا إلى بلداتهم”.
ويؤكد أن “واقع المدارس صعب، والأهل، الذي صار معظمهم عاطلاً عن العمل، لم يسددوا الاقساط. والحاجات تتزايد”. ويشير إلى أن “السفير بورجيا تاثر كثيراً بشهادات الناس، والكهنة والراهبات، وإحساسهم بانهم متروكون ومنسيوّن على حدود الوطن. وأعلن استمرار تعاون السفارة البابوية مع “سوليداريتي” وتقديمها قريباً مساهمة مالية عاجلة لتأمين التعليم ومستلزماته للطلاب”.
أين البطريرك؟
بدوره ينقل رئيس بلدية عين إبل عماد اللّوس “تقدير الأهالي لهذه اللفتة. لقد أعطت معنويات للناس في المناطق الحدودية. فهي مهمة بحدّ ذاتها وتتضاعف أهميتها بالمساعدات العينيّة التي حملها الوفد معه، وهي غير قليلة”. ويؤكد لـ”المدن” أنه “بقي في البلدة نحو 270 عائلة صغيرة، ونزح منها نحو 130 عائلة”. اللّوس الذي أثنى أيضاً على “مطران صور للموارنة شربل عبدالله الذي يتفقد المنطقة باستمرار ويصلي معنا ويحاول المساعدة”، يسأل “ما يسأله كل الناس: أين بطريرك الموارنة وسائر المشرق؟. لم نسمع منه كلمة ولا موقف. إذا لم يكن موجوداً في مثل هذه الظروف، فمتى يكون؟”.
بالأمس وزّعت “سوليدارتي” 1350 حصة غذائية على بلدات رميش ودبل والقوزح وعين إبل وعلما الشعب، بعد ورود أخبار عن تراجع مخزون المواد الغذائية في قرى المنطقة. وأمّنت مادة الأوكسيجين لتعزيز احتياط مستوصف رميش الذي أنشئ حديثاً.
لكّن أهم ما فعلته “سوليدارتي” والسفير البابوي هو تفقد أبناء تلك القرى المسكونين بالقلق والخوف، ومحاولة طمانتهم بأن هناك من يسأل عنهم ويهتم لمصيرهم. وهو ما التقطه الناس بسرعة، وقد أحسن التعبير عن دواخلهم وما يهمسون به اللّوس، قائلاً “الفاتيكان سأل عنا وزارنا، لكننا إلى اليوم لا نزال نحن نسأل عن البطريرك؟”.
المصدر: المدن



