خاص- بعد فضيحة صور تايلور سويفت العارية.. الذكاء الاصطناعي يهدد العالم- عبير بركات

خاص- الكلمة أونلاين

عبير بركات

مع تقدم التكنولوجيا بشكل متزايد في السنوات القليلة الماضية والاستخدام المفرط لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ولّى زمن الخصوصية، إذ بسهولة يمكن اختراق البيانات الخاصة للمستخدمين وفضحها في الفضاء الإلكتروني، هذا إلى جانب الخلل الفني الذي يمكن أن يحدث للكثير من البرامج الرقمية، ما يكشف معلومات خاصة عن المستخدمين، وأكبر مثال على ذلك هو ما تعرضت له المغنية والممثلة الأميركية تايلور سويفت التي يتابعها الملايين على منصات التواصل من فضائح إذ تمّ تداول صور مزيفة لها على موقع التواصل الاجتماعي X وقد تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تظهرها في أوضاع موحية جنسياً وقد شاهدها عشرات الملايين قبل إزالتها لاحقا من قبل المنصة التي أصدرت بياناً بإزالة جميع الصور وستتخذ إجراءات ضد الحسابات التي تنشرها.

واستدعى هذا الموضوع لما له من خطورة تدخّل البيت الأبيض الذي عبّر عن استيائه لانتشار تلك الصور على الإنترنت، واصفاً اللقطات التي تم تداولها على نطاق واسع بالـمثيرة للقلق للغاية وصرّحت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير في مؤتمر صحافي إن شركات التواصل الاجتماعي لها دور مهم تلعبه في تطبيق قواعدها الخاصة لمنع انتشار المعلومات المضللة والصور الحميمة لأشخاص حقيقيين دون الحصول على موافقة ويتعين على الكونغرس اتخاذ إجراء تشريعي بشأن هذه القضية.

فما هي هذه التطبيقات؟

بحسب الخبراء هناك برامج وتقنيات تقوم بتعرية الصور مستخدمة تقنيات الذكاء الاصطناعي لإزالة الملابس من الصور أو إضافة أجزاء جسدية مفقودة، وهذه البرامج والتقنيات ليست دقيقة بنسبة 100% وقد تنتج صورًا غير واقعية أو مشوهة، كما أنها قد تنتهك خصوصية وحرمة الأشخاص الذين يظهرون في الصور، لذلك يجب استخدامها بحذر ومسؤولية، وتعتمد على تقنية التزييف العميق، وأنه من الصعب السيطرة عليه ولكن هناك ضرورة لتوعية الناس خاصة الفتيات لعدم وضع أي صور خاصة بهن على مواقع التواصل الاجتماعي لأنه كلما زادت تلك الصور كلما زادت تغذية تقنيات الذكاء الاصطناعي باستخراج صور طبق الأصل مما يصعب تمييزها عن الحقيقية.

ويؤكد الخبراء أن على شركات الذكاء الاصطناعي أن تتحرك بسرعة لوضع حواجز حماية أفضل واتخاذ الإجراءات اللازمة عن طريق إطلاق فريق عمل لمعالجة التحرش والإساءة عبر الإنترنت وضرورة إقرار قوانين تتعامل مع الذكاء الاصطناعي وتطور هذه التكنولوجيا المتسارع، مثلما فعلت منظمات مثل المفوضية الأوروبية ومجلس أوروبا، إذ طوّرت مجموعة من الإرشادات والسياسات لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الرعاية الصحية والنقل والخدمات العامة مع مراعاة المبادئ الأخلاقية وعدم انتهاك حقوق الأشخاص وحرياتهم.

هناك أيضاً تطبيقات تقوم بتعديل الصور من فتيات عاديات إلى فائقات الجمال بلحظات قليلة لكن الصدمة تكمن عند الاكتشاف بأن هذه التطبيقات تستخدم صور الفتيات لإنتاج صور إباحية مفبركة لا يمكن تفريقها عن الحقيقية، مما يسبب تدهور حياتهن الشخصية والاجتماعية، فشركات وسائل التواصل الاجتماعي لا تمتلك حتى اليوم خططًا فعالة لمراقبة محتوى الذكاء الاصطناعي الغير خاضعة للإشراف والغير آمنة في منصات مفتوحة المصدر، ويشكل ضرراً باستهدافه جميع أنواع الشخصيات العامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فخاصة بعد أن قامت شركة X بخفض عدد أفراد فريق الإشراف على المحتوى الخاص بها إلى حد كبير وتعتمد على الأنظمة الآلية وتقارير المستخدم وأيضا شركة ميتا قامت بإجراء تخفيضات على فرقها التي تعالج المعلومات المضللة وحملات التصعيد والمضايقات المنسقة على منصاتها،

ويوجه الخبراء عددًا من النصائح لتجنب الوقوع في فخ الابتزاز، بعدم الاستجابة أو التعامل مع أي مبتز يهدد بصور من هذا النوع، والإبلاغ عنه الجهات المختصة في حالة كانت هناك جهات مختصة رسمية تتعامل مع الابتزاز الإلكتروني أو المبادرات والمنظمات المختصة في حالات أخرى، ثانيًا توعية الأهل خاصة في المجتمعات المحافظة حول إمكانيات هذه التطبيقات وأنه ليس كل ما تشاهده من صور وفيديو بالضرورة أن يكون حقيقيًا، فنحن في عصر التزييف العميق والذكاء الاصطناعي، ثالثًا التخفيف من نشر الصور والفيديوهات الشخصية إن لم تكن قد نشرت مسبقًا، والاهتمام بالخصوصية والاقتصار على نشر الصور والفيديوهات على نطاق محدود مثلًا للأصدقاء فقط.

الذكاء الاصطناعي في ميزان الحسنات والسيئات

منذ اطلاقه ارتفعت أصوات كثيرة إزاء تحديات الذكاء الاصطناعي والتسارع التكنولوجي، والذي من شأنه أن يهدد الإنسانية على غرار الكثير من الأفلام ومسلسلات العلم والخيال التي تناولت سيناريوهات تقدم “الروبوتات” على الذكاء البشري وتحكمها بمصير العالم.

صحيح أن للذكاء الاصطناعي فوائد وحسنات كثيرة ومربحة بالنسبة للدول والقطاع الخاص، من حيث تحسين جودة الخدمات وتقليل زمن إجراء المعاملة وتسهيل الحلول على المتعاملين، لكن التقدم المتسارع للذكاء الاصطناعي يحمل لعنات كثيرة وسيئات تمس مختلف الوظائف البشرية. فيوماً بعد يوم تخرج طوابير من الموظفين من سوق العمل بسبب اعتماد الحكومات والقطاع الخاص على تقنيات الذكاء الاصطناعي، سواء في مجال خدمة العملاء أو في مراكز البيع وأنظمة الرعاية الصحية والقطاع التسويقي والخدمي.

نعم بالتأكيد يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي بدأ يحل شيئاً فشيئاً مكان البشر في العديد من الوظائف، والأهم أن غياب التشريعات والأنظمة التي تضبط هذا القطاع، وسط السرعة الجنونية للتقدم التكنولوجي في الفضاء الرقمي، ستخلق مشكلات كثيرة وحدهم البشر من سيتحمل تبعاتها.

أمثلة كثيرة جداً على مخاطر الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي وتأثيره على سوق العمل العالمي، عدا عن المخاوف الكبرى بشأن احتمالات تدخل هذه التقنيات في القرارات المصيرية التي يفترض للبشر أن يتخذوها، مثل أوامر استخدام الأسلحة الفتاكة والنووية.

كل هذا جعل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يدق ناقوس الخطر بشأن التهديد الكبير الذي يمكن أن يحدثه الذكاء الاصطناعي على البشرية ومخاطره التي لا تقل عن مخاطر الحرب النووية، لإمكانياته في التحكم بالعنصر البشري وإلغاء قراراته.

واحدة من أهم المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي وبالذات التوليدي، تتمثل في نشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف والتضليل بنشر الأخبار المزيفة في الفضاء الرقمي، وبسبب عدم وجود أنظمة رقابية فعالة وتشريعات ضابطة، يمكن للبشر أن يتدخلوا في أنظمة الذكاء الاصطناعي ويسيئوا استخدامها لتعميم الفوضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى