وزارة للسّعادة في لبنان؟

كتبت كريستال النوّار في موقع mtv:

تخيّلوا أنّ لدينا وزارة للسّعادة في لبنان. وزيرٌ يحرص على جودة الحياة ويعمل على برنامجٍ وطنيّ لتحفيز الجهات الحكوميّة والأفراد والمجتمع على العيش بأمان. هذا الحلم واقعيٌّ وموجودٌ فعلاً ولكن في الإمارات، “أكيد مش عنّا بلبنان”. في بلدنا، بلدُ العجائب، هل يتحقّق هذا المُستحيل يوماً؟

يُشير المعالج النفساني الدكتور نويل روكز إلى أنّ البرامج التي تضعها الوزارات للسّعادة في العالم ترتكز على وجود حياةٍ كريمة من خلال جودة مُمارسة سياساتٍ موجودة تعمل على ترسيخ بيئة عمل تهدف للتنمية مثلاً أو تعزيز الصحة الجسديّة والنفسيّة، وهذا يؤثّر إيجاباً على المواطن، ويتجلّى على هيئة توطيد العلاقات والروابط الاجتماعية وتحقيق الإمكانات التي تُساعده على التطوّر والتقدّم. وهنا ينمو عند الإنسان شعورٌ بالاعتزاز والفرح في وطنه وبالانتماء إليه.
ويُضيف روكز في حديثٍ لموقع mtv أنّ “السّعادة ترتبط بقدرة الفرد على اتّخاذ اختيارات حرّة ومصيريّة من دون أيّ ضغوط، وهذا طبعاً غير موجود في لبنان. ويعتمد مبدأ السعادة على تنمية الفرد، التنمية المُستدامة، وهذا غير موجود أيضاً، والطّرقات خير دليل. بالإضافة إلى الشفافية الضروريّة للشعور بالسعادة، أمّا المثال الأكبر لدينا فهو الفساد المُستشري”، مُتسائلاً: “هل يُمكن أن نصل أو نكتب عن أنّ هذا البلد تغيّر وباتت فيه صدقيّة في التعاطي مع المواطنين بشفافية لنتكلّم حينها عن سعادة؟!”.

أين لبنان من مفهوم السّعادة وسط الأزمات المُتتالية التي يعيشها؟ يُشدّد روكز على أنّ “الأزمات المستمرّة التي يعيشها اللبنانيون لا تنتهي، وتُقلّل من عمر الفرد”، موضحاً: “متوسّط العمر في لبنان بتراجعٍ مستمرّ، مُقارنةً بالسنوات الفائتة، كما أنّ التواصل الاجتماعي بات أقلّ من السابق. ونُضيف أنّ قرار اللبنانيين ليس بأيديهم، لذلك يُحاول المواطن الهرب والهجرة والبحث عن السّعادة خارج إطار العيش في بلده، ولا يشعر بالانتماء نتيجة غياب النموّ والأمان”.
المُشكلة الأخرى أنّ هذه الأزمات تأتي مُفاجئة ومُنزَلة، لا يبقى أمام اللبناني سوى مواجهتها أو التأقلم معها، بالأدوات المُتاحة، إذ يلفت روكز إلى أنّ “لا معايير مُحدّدة تؤمّن الاستقرار النّفسي والاجتماعي للفرد، في ظلّ أزمات مُتتالية غير متوقّعة تأتي من دون أيّ إنذار”، مضيفاً أنّ الأحداث الحياتيّة اليوميّة لا تنتهي، والذاكرة لم تعد تتّسع لما يحصل… “النواقل العصبيّة ما عم تلحّق”، وهذا ما يؤدّي إلى التّعب الفكري والنّفسي والجسدي.

في اليوم العالمي للسّعادة، يحقّ لنا كلبنانيّين أن نحلم بمسؤولين يُقدّرون الإنسان ويهتمّون بحقوقه… وإن شاء الله تُفتح نافذة أمل قبل فوات الأوان، فالشّعب “فقد عقلاتو وما بقا يحمل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى