د. حمود يستذكر ما نشره البروفسور فضل ضاهر منذ ٤ سنوات بشأن الملاحقات القضائية

في ضوء ما استجد من ملاحقات قضائية مؤخرا،نستذكر ما سبق لنا نشره بتاريخ ٢٢/١١/٢٠٢٠.ومع التأكيد بأن ثمة قرابة ٣٠٠ مليار دولار اميركي تتوافر بشأنها دلائل وقائعية وموضوعية تشكل براهين ملاحقة وادعاء ومحاكمة،فيما لو التزمت هيئة التحقيق الخاصة باحكام قانون انشائها مع تعديلاته،من جهة ،وبتوصيات مجموعة العمل المالي فاتف ذات الحجية القانونية الملزمة من جهة ثانية،لناحية المباشرة الفورية بالتقصي والتحقق والتدقيق لاقتفاء أثر هذه الأموال تكوينا لملفاتها القضائية الموضوعية والموثقة لمنفعة سلطات إنفاذ القانون الوطنية ذات الصلاحية والإختصاص. مع الأخذ بالاعتبار ان التحصّل على أموال وممتلكات غير مشروعة ومتحصلة من واحدة او أكثر من الجرائم الخطيرة الواحدة والعشرين الموصوفة بالمادة الأولى من القانون النافذ ٤٤/٢٠١٥،لا يعتد تجاهها بالسرية المصرفية بوجه جميع مدققي هيئة التحقيق الخاصة هذه،ولا تنعقد بشأنها ذرائع التقادم المسقط للجرم بمرور الزمن ،ولا حصانة ادارية تمنع ملاحقة ومحاكمة المرتكبين في إطار ما يوصف قانونا بعرقلة سير العدالة….
منطلقات وأحكام جميع ما ذكرته اعلاه،متوفرة بأدق تفاصيلها في الآليات الدولية والوطنية المتعددة والملزمة جميعها للبنان، سيما منها اتفاقية باليرمو لعام ٢٠٠٠م، والاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وتوصيات الفاتف او الغافي التي حبذا لو ان خبراءها يجهدون لفرض تطبيق معاييرها التنفيذية والتفسيرية المحدثة على حاكم المركزي (المعين رئيسا لهيئة التحقيق الخاصة خلافا للمادة عشرين من قانون النقد والتسليف)، عوضا عن الاسهام المباشر بزعزعة الثقة بالوطن وبهياكله ومؤسساته المالية والاقتصادية من خلال سلسلة التهديدات المتواترة والمتوالية بالوضع على اللائحة الرمادية!؟

نداء الى فرسان العدالة الشرفاء
كلمتكم الشجاعة انتصار للحق ورفع لمظلومية الشعب الذي باسمه تحكمون
بداية مؤشرات الانهيار المالي الكامنة والمتراكمة لم تحجبها تطمينات حاكم البنك المركزي الوهمية، لاسيما بالنسبة الى المؤسسات المصرفية التي سرعان ما اقفلت ابوابها، بصورة رسمية ومعلنة, امام جمهور قلق على مصير ودائعه وهي مدخراته وجنى عمره.ثمة محظيون تجاوزوا الاقفال لتهريب ما تردد انه ستة مليارات دولار أميركي دون صدور اي نفي من المراجع المختصة، وانه لمن المؤكد ان تحويلاتهم ما كانت ممكنة لولا التواطؤ مع كبار المسؤولين في المصارف المقفلة نظريا للعموم,مع ما ينطوي عليه ذلك من افعال مجرمة بالمادة الأولى من القانون 44/2015 لجهة استغلال المعلومات المميزة وافشاء الاسرار وصرف النفوذ واستثمار الوظيفة واساءة استخدام السلطة,تكريسا للفساد المستشري وتسهيلا للتهرب الضريبي وللاثراء غير المشروع وفقا للقوانين اللبنانية.
حاكم مصرف لبنان ورئيس هيئة التحقيق الخاصة،وهو موظف عمومي وفقا للتعريف القانوني،سبق ان تلقى من النائب العام التمييزي ابلاغا وطلب مساعدة وتحقيق بهذه التحويلات وفقا للأصول,فكانت الخفة في جوابه على نحو ما اعلن بشكل رسمي , “ان لا شبهة حول التحويلات المالية بناء لافادة المصارف!!؟” .وهذا الأمر يشكل تجاهلا متعمدا وغير مبرر لواجباته، كرئيس للهيئة، المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 44/2015. ثم ما لبث الحاكم نفسه المعين رئيسا للهيئة خلافا للقانون ان أقرّ ضمنيا بتحققه من وجود شبهة تستوجب الملاحقة في جميع التحويلات المالية الحاصلة ضمن فترة الاقفال وذلك من خلال حثّ المصارف المعلن،على استرجاع 15 الى 30 بالمئة من هذه التحويلات بموجب تعميمه 154 الشهير.
جميع هذه الحقائق الموثقة تشكل دلائل وقائعية وموضوعية واضحة حول توفر عناصر ارتكاب جرائم مخلة بالادارة القضائية( كتم الجنايات والجنح) المعاقب عليها بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات مع المنع من الحقوق المدنية( المادة 398ق.ع) .ناهيكم عن احكام المادة 399 التي تختص بالموظف الذي يهمل او يرجىئ الاخبار عن جريمة اتصلت بعلمه في معرض بحثه او ملاحقته لجرائم هو مكلف بالبحث عنها( اي رئيس الهيئة تحديدا في مثل الحالة المعروضة).
من خلال مسيرتي المهنية والأكاديمية في لبنان وعلى المستويات الاقليمية والدولية، شرفني التعاون في ميادين العدالة الجنائية والاجتماعية مع فرسان شجعان اشداء في مرمح العدالة ممن اكملوا مسيرة الاجداد بناة مجد بيروت ام الشرائع.واني لعلى يقين تام بانهم لا زالوا الاكثرية ضمن سلطة قضائية مستقلة بحكم المبادئ الدستورية الناظمة لفصل السلطات ركنا اساسيا لاية ديمقراطية مفترضة كما أكد مونتسكيو فيلسوف الثورة الفرنسية، وبانهم سوف يلبون هذا النداء – الاستغاثة لادراكهم، بواسع تفقههم وعلمهم وخبرتهم، ان الكلمة نبوّة، ونور هداية ، وكرامة وعزّة نفس ، وتحرّر وثبات ومسؤولية ، وان استقلاليتهم النابعة من ذواتهم قبل اي اعتبار،لابد وان تنتفض طوق نجاة للوطن وبارقة أمل الى الشعب اليائس،ولسوف تكون كلمتهم يصوغونها احكاما شجاعة وحرّة انتصارا للعدالة ورفعا للمظلومية عن شعب بكامله، لتشكل بالتالي انتصارا للإنسان يدوّن بحروف من ذهب في صفحة تاريخ هذا الوطن-الرسالة على امتداد العصور وفي معارج الحضارة الإنسانية
بيروت في ٢٢/١١/٢٠٢٠
البروفسور فضل ضاهر
مفوض الرصد والدراسات والتربية والتطوير في الهيئة
الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى