لعلّ أصعب ما في العودة إلى المدارس هو دخول الطفل عامه الأول المدرسي وانفصاله عن والديه، إلى جانب انتقال الطفل أحياناً من مدرسة إلى أخرى، إضافة إلى اعتياد الطفل على النظام المدرسي مجدداً بعد إجازة صيفية طويلة. هذه المواقف لطالما عانى منها الأهل والأطفال على حدٍّ سواء، لذلك، لا بدّ من توضيح الطرق المناسبة لمساعدة كلٍّ من الطرفين على اجتياز هذه المرحلة بأقلّ ضرر نفسي ممكن.
د. ساندي الترك – معالجة نفسية وأستاذة محاضرة في جامعة الروح القدس الكسليك، تشرح انه يجب توقّع المشاعر السلبية في هذه المرحلة، ولا بدّ منها في جميع حالات العودة إلى المدرسة، ودور الأهل أساسي بإخفاء مشاعرهم عن طفلهم كي لا يتوتر من المدرسة لا سيما في عمر صغير، لأنّ الأهل ينقلون مشاعرهم دون أن يدروا إلى طفلهم، سواء أكانت مشاعر توتر جديدة أو مشاعر قديمة كانوا يعيشونها في صغرهم.
في حالة العودة بعد إجازة طويلة، لا بدّ من تحضير الطفل قبل نحو أسبوعين من بدء العام الدراسي. وعلى الأهل إعادة الطفل إلى روتين المدرسة عبر تنظيم أوقات النوم تنازلياً والعودة إلى الفروض المدرسية تصاعدياً، وإشراكه بتجهيز لوازمه المدرسية. ومن المهم إجراء حوار مع الطفل حول العودة إلى المدرسة واسترجاع ذكرياته القديمة والنشاطات مع رفاقه فيها والتركيز على التجارب الإيجابية التي عاشها في المدرسة، كذلك يكشف النقاش أية مخاوف من المدرسة لدى الطفل.
وعندما يكون الطفل ذا أداء عادي في المدرسة، يشكّل هذا الأمر أيضاً مخاوف لديه ولدى أهله في ما يتعلق بالتدريس والعلامات. لذا، على الوالدين أن يعرفا أن طفلهما ذكي مهما كانت نتائجه الدراسية، وعدم التوجّه إليه بكلمات سلبية لكي يعود إلى المدرسة بثقة. إضافة إلى ضرورة النقاش مع الطفل قبل الدخول إلى المدرسة ليكون شخصاً لطيفاً وتفادي التنمّر.
وتشترك حالات انتقال الطفل من مدرسة إلى أخرى مع حالات دخول الطفل في سنته المدرسية الأولى في بعض الأمور. أولاً، لا بدّ من زيارة الطفل للمدرسة والتعرّف إلى شخص موثوق فيها (فرد من الطاقم التدريسي أو الإداري أو أحد رفاق صفّه المستقبليين) قبل اليوم الدراسي الأول. كما يجب تشجيع الطفل على التخيّل المسبَق للمدرسة ولأجوائها وخطواتها، وتخيّل نفسه في موقف نجاح فيها.
أمّا بالنسبة إلى الطفل الذي يدخل عامه الدراسي الأول، فيمكن أن تلعب الأم معه لعبة المدرسة في المنزل، وأن ترسل معه إلى المدرسة ما نسميه بالـ comfort item، أي غرض يُشعره بالراحة كأي لعبة يحبها، ويُعدّ بمثابة غرض انتقالي يوصل بين منزله المريح إلى المكان الجديد الذي سيدخله وهو المدرسة.
ويجب أن يسعى الأهل ليكون الانفصال في الساعة الأولى من اليوم الأول بينهم وبين الطفل مريحاً، وعدم إظهار مشاعرهم السلبية أو البكاء أمامه. يمكنهم رسم قلب عبر يدهم ويد طفلهم ووصلهما سوياً عند اللقاء مجدداً بعد انقضاء الدوام المدرسي، أو ترك بعض القبلات على يد طفلهم أو في جيبه لكي يشعر الطفل بالقرب منهم وإن كان بعيداً عنهم. ولدى إيصال الطفل صباحاً إلى المدرسة، لا بدّ من تطمينه بأنهم سيأتون لاصطحابه في الوقت المحدد والوفاء بهذا الوعد، وضرورة وداعه صباحاً بشكل سريع، وألّا يستغرق الوداع وقتاً طويلاً، فذلك يؤثر سلباً على الطفل ووالديه.
ويجب أن يراعي الأهل أن يكون الانفصال عن طفلهم تدريجياً، كأن تبقى الأم مثلاً في اليوم الأول مع طفلها في المدرسة لساعتين، وفي اليوم الثاني لساعة، وفي اليوم الثالث تقف خارج الصف. إلى جانب عدم مفاجأة الطفل بالمغادرة كي لا يشعر بعدم الأمان، وبأنّ أمّه جاهزة لتركه في أي وقت. ولدى بكاء الطفل في اليوم الأول، على الأم تهدئته وطمأنته قبل مغادرتها، فهو سيهدأ ويلهو بعد مغادرتها، في حين أنّ بقاءها سيزيد من بكائه رغبةً منه بالرحيل معها.
“النهار”- فرح نصور