فاتن الحاج – الاخبار
عن أيّ تعليم يتحدث وزير التربية، عباس الحلبي، في السابع من تشرين الأول؟ مجرد تحديد هذا الموعد لاستئناف الدروس في المدارس الخاصة يبدو ضرباً من الخيال، في ظل تحوّل أكثر من 90 من المئة من المدارس والثانويات الرسمية في أماكن النزوح فحسب (نحو 500 مدرسة) إلى مراكز إيواء ولن تكون حاضرة لتسجيل الطلاب في 14 تشرين كما عمّم الوزير، فضلاً عن أن مليون لبناني باتوا في عداد النازحين. أما تلويح بعض المدارس الخاصة بالتعليم «أونلاين»، فطرح غير منطقي لأسباب مختلفة، إذ إن جميع تلامذة المدارس الخاصة النازحين في المدارس والمنازل وعلى الطرقات عاجزون لوجستياً ونفسياً عن متابعة أي نوع من التعليم.
فيما يرفض الأهالي في مدارس ما يسمى المناطق «الآمنة»، بما فيها المدارس الكاثوليكية، دفع كل هذه الأقساط مقابل تعليم أثبت فشله في السنوات السابقة، عدا عن أن اعتماده في مدارس دون أخرى يشكل تمييزاً فاقعاً بين التلامذة اللبنانيين في الرسمي والخاص وداخل الخاص نفسه. وقد فشلت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، حتى الآن، في ترجيح هذا الخيار الذي تبنّته بقوة على طاولة الوزارة، ولوّحت بتطبيقه اعتباراً من اليوم، وتتصرف وكأن تقرير مصير العام الدراسي بيدها، وتنتظر من الوزير الموافقة على طروحاتها. إلا أن الحلبي أعلن، أخيراً، إن المدارس لا تستطيع البدء بالتعليم «أونلاين» قبل صدور تعميم عن الوزارة بهذا الخصوص، داعياً إياها إلى توقيف أي نشاط حتى مساء السادس من تشرين الأول. وهذا لا يعني أن الوزارة توقفت عن المساومة مع المدارس الخاصة ومحاولة إرضائها في خياراتها المطروحة، وخصوصاً أن الوزير لم يستبعد أن يكون التعليم عن بعد ضمن «الخطة ب». مع ذلك، علمت «الأخبار» أنه يجري التداول في أروقة الوزارة ببعض الأفكار، منها أن تفتح المدارس الخاصة في الأماكن «الآمنة» أبوابها قبل الظهر لتلامذتها، وتستقبل الطلاب النازحين المتواجدين في الأماكن التي تقع فيها بعد الظهر.
تقول الاختصاصية الاجتماعية رنا غنوي، التي تتابع أحوال النازحين في المدارس، وهي بالمناسبة نازحة، إن «الوقت ليس مناسباً لا للتعليم ولا حتى للخطط البديلة المتعلقة بالتدخل الاجتماعي والدعم النفسي وغيره. عملاً بسلّم الأولويات، الأولوية اليوم هي للسلامة والأمان والإيواء فقط. فثمة عائلات لا تزال تفترش العراء، ومنها من لا يستطيع أن يذهب إلى مدارس الشمال التي قيل إنها لا تزال قادرة على استيعاب مزيد من النازحين، خوفاً من أن يفقدوا عملهم في بيروت. كما أن الفكرة الأولى التي خطرت للأهالي لحظة مغادرة منازلهم هي النفاذ بأرواحهم، فلم يحضروا كتباً إلى أماكن النزوح ولا حتى أوراقاً ثبوتية. ولا يفترض أن يكون هناك عام دراسي حلال شهر حتى لو توقفت الحرب غداً»، علماً أن العودة الى الصفوف، إذا حصلت بعد ذلك، «ستكون صعبة واستثنائية، إذ إن الكثيرين خسروا بيوتهم».
وبحسب المسرحي كريم دكروب، «التعليم المدرسي بالطريقة التقليدية غير متاح للمتعلم والمعلم على حدٍّ سواء، والتعليم أونلاين منفصل عن الواقع ونسبة الاكتساب منه صفر، وإذا كان لا بدّ من التدخل النفس – اجتماعي، فيمكن أن تكون هناك مبادرات يشارك فيها معلمو الصفوف أنفسهم، إذ يجري تدريبهم على استعادة دورهم الاجتماعي الذي فقدوه في الحرب بطريقة مختلفة وبما يتناسب مع حالة الطوارئ في البلد، أي باتجاه مساعدة الأطفال على تجاوز الأزمة بطرق أخرى من التعليم مثل الألعاب التربوية وغيرها، وبالمناسبة فإن تعرض الأطفال إلى هذا الكمّ من الصدمات هو بحد ذاته شكل من أشكال التعلم».