في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيرا مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتا.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و”حزب الله” في أيلول (سبتمبر) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.
وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.
وبدأت الوزارة الشهر الماضي إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدة عن وضعها الطبيعي.
وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية التي تضم الآن 300 طالب مسجل وتتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.
وقال مدير المدرسة أنطوان عبد الله زخيا إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.
واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقة صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحة للعائلات التي تبحث عن ملجأ.
وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتا في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: “بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل”.
كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.
وقالت: “كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي”.
التعليم لن يتوقف
قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ.
وقال وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي لرويترز: “العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان”.
وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعبا لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسيا للعودة إلى المدرسة.
وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته ثلاثة أيام ويشمل كل يوم سبع حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.
ولا تزال نور قزحيا (16 عاما)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: “لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا”.
ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة.
وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاما): “الجميع مرهقون ذهنيا… في نهاية المطاف، هذه الحرب تطالنا جميعا”.
وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاما) النازح من منطقة البقاع يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم ثلاثة أيام تحديا لكنه ليس عائقا.
وقال: “هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها”.