قطاع السيارات في لبنان: صفر مبيعات!

منذ بداية الأزمة الاقتصادية، وتفاقم الانهيار المالي والنقدي، وسقوط الليرة إلى أدنى مستوياتها، بدأ سوق السيارات في لبنان بالتراجع، شأنه في ذلك شأن سائر القطاعات. وعلى الرغم من محاولته المقاومة والصمود بغية الاستمرار، جاء العدوان الإسرائيلي في لبنان ليعيد القطاع إلى مرحلة الـ2019 حيث التراجع كان على أشدّه.

خسائر القطاع الذي يشمل السيارات الجديدة والمستعملة، لا تقتصر على الشركات والتجار وأصحاب المعارض، بل تشمل القطاعات المرتبطة بها، كشركات الشحن وشركات التأمين وحال قطع الغيار وكاراجات الصيانة ومحال بيع الدواليب وفرش وزينة السيارات وغيرها.

 

فقبل اشتداد الاعتداءات الإسرائيلية، أقفل أكثر من 60 معرضاً أبوابها في لبنان وانتقلت إلى العمل في الدول المجاورة مثل قبرص ودبي وسواهما، فيما كشف نقيب مستوردي السيارات المستعملة في لبنان إيلي قزي أن الاعتداءات الإسرائيلية استهدفت نحو 30 معرضاً من أصل نحو 300 معرض في الجنوب، ونحو 100 معرض في الضاحية الجنوبية. وقدّر الخسائر بنحو 50 مليون دولار حتى اليوم “علماً بأننا استطعنا تهريب بعض السيارات من الجنوب إلى معارض في البقاع وبيروت وجبيل وعمشيت”.

 

ومن البديهي أن يؤدي التراجع الحاد في المبيعات إلى توقف الاستيراد، مع الأخذ في الاعتبار أن ثمة سيارات مستوردة من الولايات المتحدة الأميركية لم تصل بعد. وقال قزي “بما أن حركة المبيع صفر في المئة، فإن ثمة صعوبة مادية للمستوردين والتجار في إخراج سياراتهم فور وصولها إلى مرافىء لبنان”.

إضافة إلى عدم قدرة التجار على دفع الإيجارات ورسوم البلدية وفواتير كهرباء وغيرها من التكاليف التشغيلية وأجور الموظفين، يؤكد قزي أن السيارات الموجودة في المعارض تخسر من قيمتها، مقدراً عددها بين 30 و35 ألف سيارة.

فمن سيعوّض عن الخسائر التي لحقت بهؤلاء؟ يبدو قزي مقتنعاً بأن أحداً لن يعوّض على المتضررين، ولكن النقابة ستقوم بما تمليه عليها واجباتها، وستعمل على تحضير ملفات بالخسائر لتقديمها إلى الهيئة العليا للإغاثة.

السيارات الجديدة؟
تقدر “الدولية للمعلومات” عدد السيارات الجديدة التي سُجّلت خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2024 بنحو 1818 مقارنة بـ8 آلاف سيارة في الفترة عينها من 2019، فيما بيّنت إحصاءات غير رسمية تراجع حجم سوق السيارات الجديدة إلى مستويات كبيرة بنسبة تناهز الـ85% مقارنة بعام 2018 حيث كان يصل حجم المبيعات إلى 38 ألف سيارة جديدة سنوياً.

الناطق الرسمي باسم جمعية ممثلي صانعي المركبات العالميين في لبنان AIA نبيل بازرجي، أكد لـ”النهار” أن قطاع السيارات الجديدة يعمل بين 18% و19% من قدرته وحاجة السوق، مشيراً إلى تراجع حجم سوق السيارات الجديدة في لبنان إلى مستويات متدنية بلغت نحو 82% مقارنة بعام 2018. وإذ كشف أنه “لو لم يكن هناك إصرار من مصانع السيارات التي نمثلها على وجودها في لبنان وضمانة ما بعد البيع لما كنا صمدنا إلى هذه الفترة”، قال “لا يمكننا التفكير تجارياً أو الربح والخسائر، بل بالالتزام الذي نحرص على المحافظة عليه منذ 1923 كجمعية لممثلي المصانع العالمية في لبنان”.

وبما أن الاستيراد بحاجة إلى تمويل والتمويل بحاجة إلى أدوات مالية، فيما القدرة الشرائية للمواطن تدنّت كثيراً منذ 2020، توازياً مع توقف المصارف عن منح التسهيلات والقروض، وتالياً على الزبون تأمين الأموال نقداً أو التحويل من الخارج وهذا غير متوافر حالياً، فإن ذلك يعني وفق بازرجي أن “ثمة صعوبة في تأمين الاستمرارية، ولكن هذا لا يعني أننا لا نقوم بواجباتنا تجاه المواطن والمصنع على حد سواء”.

هل هذا يعني أن الشركات توقفت عن استيراد السيارات الجديدة؟ يجزم بازرجي بأنه “لا يمكن التوقف عن الاستيراد كلياً، ولكن الشركات التي تستورد شهرياً تأخذ في الاعتبار حاجة السوق وقدرتها على التمويل”.
ولفت إلى أن أصحاب الشركات يعمدون، بغية المحافظة على استمراريتهم، إلى التخفيف من الخسائر التشغيلية عبر إقفال بعض الفروع والانتشار الجغرافي، وكميات الاستيراد وعدد ساعات العمل.

يقدّر عدد السيارات المبيعة بنحو 3 آلاف سيارة حتى أيلول 2023، فيما قُدر عددها في أيلول من السنة الجارية بنحو 6 آلاف و700 سيارة. وتعزو مصادر متابعة التفاوت في الأرقام إلى أن مصلحة تسجيل السيارات أقفلت أبوابها أكثر من 4 أشهر في عام 2023، وتالياً تأجّل تسجيل السيارات المبيعة في عام 2023 إلى عام 2024.

ويؤكد لـ”النهار” أن سوق السيارات الجديدة يتراجع تراجعاً دراماتيكياً، مقارنة مع الأعوام السابقة خصوصاً عام 2019 حيث وصل عدد السيارات المبيعة إلى 19 ألفاً و800 سيارة حتى أيلول 2019.
ويقول إن وكلاء السيارات الجديدة أحجموا عن الاستيراد هذه السنة إلى أقصى حدود في انتظار بيع “الستوك” الموجود لديهم، وذلك على خلفية الأوضاع المتأزمة في البلاد والشرق الأوسط عموماً، يضاف إلى ذلك إحجام المصارف عن إعطاء القروض لشراء السيارات، بما أدّى إلى التراجع الكبير في المبيع.

سلوى بعلبكي  – النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى