الإعلامية لينا دياب- وجوه خلف الأقنعة

2025 كثيرًا ما نسمع القول المأثور: “الضربات التي لا تقتلك تجعلك أقوى.” ولكن هل هذا صحيح دائمًا؟ الحقيقة التي نغفل عنها هي أن هناك ضربات لا تقتل الجسد لكنها تترك الروح منهكة، مثقلة بالخوف والقلق، وتحول الناجين إلى أبطال صامتين يحملون جراحًا لا يراها أحد. الناجون من الضربات القاتلة ليسوا بالضرورة أقوى، بل أكثر حذرًا، وأكثر خوفًا من تكرار الألم.

تلك التجارب القاسية تنزع منهم الشعور بالأمان، لتصبح الحياة أشبه بسير فوق أرض مليئة بالألغام. كل لحظة تحمل في طياتها احتمال وقوع ضربة جديدة. تلك الضربات تُعلمهم أن لا شيء يدوم، وأن الأشخاص الذين ظنوا أنهم سيبقون إلى جانبهم قد يرحلون في اللحظة التي يحتاجون فيها إلى الدعم.

يتعلم الناجون ألا يثقوا بسهولة، وألا يتمسكوا بأي شيء، لأن الحياة أثبتت لهم مرارًا وتكرارًا أنها قادرة على انتزاع كل شيء في لحظة. حتى وسط الزحام، يعيش الناجون وحيدين. ذلك الحشد من الناس الذي يبدو قريبًا قد يتحول إلى سراب عند أول اختبار جديد. هم يدركون أن الألم تجربة فردية، وأن الجميع ينسحب عندما يصبح الحِمل ثقيلًا.

لهذا، يختارون الصمت، ويخفون أنقاضهم خلف ابتسامات مصطنعة وكلمات مطمئنة. لكن رغم كل شيء، هناك شيء مميز بهم، صمودهم قد يكون ممزوجًا بالوجع، لكنه صمود يُظهر قدرتهم على التعايش مع الألم، وعلى إعادة بناء أنفسهم من جديد، حتى لو كان البناء هشًا. ما يحتاجه هؤلاء ليس كلمات فارغة عن القوة أو عبارات تحفيزية لا تتناسب مع واقعهم. ما يحتاجونه هو التفهم والدعم الحقيقي. فهم لا يبحثون عن الشفقة، بل

عن من يُدرك حجم الألم الذي يحملونه، ويمنحهم شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة هذا العالم القاسي. فبين الحطام الذي يسكن قلوبهم، تظل هناك شعلة صغيرة من الأمل، تنتظر اللحظة التي يمكن فيها للحياة أن تصبح أقل قسوة، وأكثر ليناً.. ولطفًا..كقلوبهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى