
بعد غياب دام ست سنوات منذ عام 2019، يترقب اللبنانيون بقلق وترقب إمكانية عودة القروض المصرفية، التي جُمّدت بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي هزّت البلاد. مع بداية عام 2025، بدأت بعض المؤشرات تلوح في الأفق حول احتمال استئناف الإقراض، إلا أن المسألة لا تزال معقدة ومصحوبة بتحديات كبيرة قد تعيق التنفيذ الفعلي لهذا التوجه.
وشكّلت الأزمة المالية التي اندلعت في أواخر عام 2019 ضربة قاسية للنظام المصرفي اللبناني، إذ أدت إلى فقدان المصارف قدرتها على منح القروض نتيجة شح السيولة وتفاقم أزمة الثقة بين البنوك والمودعين. كما تسببت القيود المشددة على السحوبات والتحويلات في تقليص التدفقات المالية، ما أدى إلى حالة شلل شبه تام في عمليات التمويل التي كانت ركيزة أساسية للنشاط الاقتصادي في لبنان.
ويرى خبير اقتصادي عبر “اللبنانية” أن إعادة تفعيل القروض المصرفية يتطلب إصلاحات جوهرية في البنية المصرفية، تشمل إعادة رسملة المصارف وضمان استقرار سعر الصرف وإعادة بناء الثقة المفقودة بين المواطنين والقطاع المصرفي. كما يُعَدّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية خطوات ضرورية نحو تهيئة بيئة مناسبة لاستئناف الإقراض.
رغم التفاؤل الحذر الذي يرافق الحديث عن عودة القروض، يقول الخبير الاقتصادي لـ”اللبنانية” أن التحديات التي تواجه المصارف لا تزال كبيرة. فالضبابية السياسية والتوترات الاقتصادية المستمرة تجعل من الصعب على البنوك تقييم المخاطر الائتمانية بشكل دقيق، ما يحدّ من قدرتها على تقديم القروض بشروط ميسّرة. إضافةً إلى ذلك، فإن ندرة السيولة بالدولار وغياب رؤية اقتصادية واضحة يُضعفان إمكانية تحقيق انتعاش سريع في القطاع المصرفي.
وعلمت “اللبنانية” أنّه في ظل هذه التحديات، بدأت بعض المصارف في اتخاذ خطوات حذرة نحو استعادة الإقراض، من خلال تقديم قروض محدودة بالدولار الجديد “Fresh Dollars”، وهي خطوة تهدف إلى إعادة كسب ثقة العملاء وتشجيع النشاط الاقتصادي، ولو بشكل جزئي. ومع ذلك، تبقى هذه المبادرات محدودة النطاق، نظرًا لأن عدداً قليلاً فقط من المصارف لديه القدرة على تقديم هذه التسهيلات في ظل الأوضاع الراهنة.
ويعوّل اللبنانيون على الإصلاحات الاقتصادية المنتظرة لإعادة إحياء النظام المصرفي، فيما تبقى الأنظار موجهة نحو قدرة المصارف على توفير السيولة الكافية لتوسيع نطاق الإقراض. ومع استمرار هيمنة التعاملات بالدولار الجديد على الاقتصاد اللبناني، يبدو أن أي خطوة نحو إعادة القروض ستكون مشروطة باستقرار الوضعين المالي والسياسي، ما يجعل المستقبل القريب محاطًا بالكثير من التساؤلات والترقّب.