يُعتبر الاستقلال السياسي من أهم الإنجازات التي حققها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية، إلا أن هذا الاستقلال يبقى هشاً ما لم يترافق باكتفاء ذاتي حقيقي وبنهوض اقتصادي شامل.ولا يمكن الاعتراف بسيادة الدولة التي تعتمد على استيراد الغذاء والطاقة بنسبة أكثر من 80 % لان قتصادها يتاثر بالتقلبات العالمية والأزمات السياسية.
فالحكومة الحالية لا يمكنها اتخاذ قرارات مستقلة في ظل دين عام أكثر من 150 % من الناتج المحلي الإجمالي، مما يحد من ويزيد من الضغط على المواطنين.
إن العمل على تامين الاكتفاء الذاتي عبر إنتاج المحاصيل الأساسية كالقمح، والبقوليات، والخضروات وتطوير قطاعات الصناعات الغذائية والكيميائية والتصنيع المعدني وتشجيع استعمال الطاقة الشمسية يخفف استيراد المشتقات النفطية كما وأن إصلاح النظام الضريبي يرفع الإيرادات الحكومية ويقلل من الاعتماد على القروض الخارجية.
كذلك فإن قوانين حماية المستثمر مصحوبة بتطوير البنية التحتية وإعادة تأهيل شبكات النقل والاتصالات والمياه والصرف الصحي يحفز رأس المال على التدفق إلى القطاعات المنتجة ويجذب الاستثمارات.
قد يبدو المقال مجرد كلام واحلام حيث أن الصعوبات والتحديات التي تعترض الطريق كثيرة…. بدءا بالانقسامات السياسية التي حتما تؤدي خلافاتها الداخلية إلى تأخير اتخاذ القرارات الإصلاحية. كما وأن الضغوط الخارجية كالتدخلات الإقليمية والدولية تؤثر على السياسات الاقتصادية الوطنية ناهيك عن نقص التمويل المالي الذي يعثر تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى.
لذلك فإنه يتوجب علينا التركيز على هدف وطني جامع لبناء اقتصاد متنوع ومستدام يعتمد على الذات ووضع خطة طويلة الأمد تشمل استراتيجية زراعية وطنية تركز على تحقيق الأمن الغذائي ..وتصميم برنامج طاقة متجددة يستهدف إنتاج 30 % من احتياجات لبنان من الطاقة بحلول 2030 بالموازاة مع الإصلاحات المالية الشاملة التي تضمن استدامة الموازنة وتقلل من عبء الدين.
إن الاستقلال السياسي ليس مجرد إعلان رسمي، بل هو حالة واقعية تتجلى في قدرة البلد على تأمين احتياجاته الأساسية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وبدون اكتفاء ذاتي ونهوض اقتصادي، يبقى الاستقلال شعاراً فارغاً.
لذا، فإن العمل على بناء اقتصاد قوي ومتنوع يجب أن يكون أولوية ملحة لكل لبناني يرغب في استقلال حقيقي للبنان مزدهر.
أميرة سكر
