إهداء 315 بيتًا شعريًا لسمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود وفاءً لمسيرة علمية ووطنية رائدة

 

 

عبير بركات – الرياض

في مبادرة أدبية تحمل دلالات عميقة للوفاء والتقدير، قدّم الشاعر والكاتب الدكتور أحمد عبدالغني الثقفي إهداءً شعريًا فريدًا إلى صاحبة السمو الملكي الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن عبدالعزيز آل سعود، تمثل في 315 بيتًا شعريًا موزونًا ومسجوعًا، كتبها عرفانًا لمسيرتها العلمية والوطنية الممتدة، وتقديرًا لعطائها الصادق وجهدها المتواصل في خدمة التعليم وتمكين المرأة وبناء المؤسسات الأكاديمية في المملكة العربية السعودية.

وجاء هذا الإهداء بوصفه فعل وفاء ثقافي وأدبي، يترجم مكانة سموها في الوعي الوطني والذاكرة التعليمية، ويؤكد أن الأثر الحقيقي للقادة لا يُقاس بزمن المناصب، بل بما يتركونه من بصمات راسخة في العقول والمؤسسات والأجيال. وقد اختار الدكتور أحمد الثقفي أن يكون هذا الإهداء شعريًا طويل النفس، متماسك البناء، موحد القافية، يعكس حجم الامتنان لمسيرة تجاوزت عقودًا من العمل الجاد والالتزام القيمي.

 

مسيرة علم وقيادة هادئة

تُعد صاحبة السمو الملكي الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود واحدة من أبرز القيادات النسائية في تاريخ التعليم العالي بالمملكة، وقد ارتبط اسمها بمحطات مفصلية في تطوير منظومة تعليم المرأة، وعلى رأسها دورها المحوري في تأسيس جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، التي أصبحت لاحقًا أكبر جامعة نسائية في العالم، ورمزًا وطنيًا لرؤية المملكة في الاستثمار في الإنسان والعلم.

 

تميّزت مسيرة سموها بالجمع بين العمق الأكاديمي والخبرة الإدارية، وبين القيم الأخلاقية الرفيعة والانضباط المؤسسي، فكانت نموذجًا للقيادة الهادئة التي تبني ولا تستعرض، وتؤسس ولا ترتبط بالضجيج. وقد امتدت سنوات عطائها لأكثر من ثمانية وثلاثين عامًا، حملت خلالها مسؤوليات تعليمية وإدارية كبرى، وأسهمت في صياغة بيئة جامعية حديثة، قائمة على التخطيط، والجودة، والاستدامة.

 

الإهداء بوصفه وثيقة وفاء

 

القصيدة المهداة، التي بلغت 315 بيتًا، لم تُكتب بوصفها نصًا عاطفيًا عابرًا، بل جاءت أقرب إلى وثيقة أدبية توثيقية، استحضرت محطات العطاء، ورصدت ملامح القيادة، واحتفت بالقيم التي جسدتها سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود في مسيرتها. وقد حرص الشاعر الدكتور أحمد الثقفي على أن تكون الأبيات متتابعة البناء، متماسكة المعنى، تحافظ على وحدة القافية والسياق، بما يعكس الاحترام العميق للمقام، والوعي بدور الشعر في تخليد السيرة الوطنية.

 

وأكد الدكتور الثقفي في هذا السياق أن هذا الإهداء يأتي انطلاقًا من قناعة راسخة بأن رد الجميل للقامات الوطنية لا يكون إلا بلغة تليق بها، وأن الثقافة والأدب يمثلان أحد أنبل مسارات التعبير عن الوفاء والاعتراف بالفضل.

 

الدكتور أحمد الثقفي ومساره الإبداعي

 

يُعرف الدكتور أحمد عبدالغني الثقفي بوصفه شاعرًا وكاتبًا وإعلاميًا سعوديًا، له حضور واسع في المشهد الثقافي والأدبي، وارتبط اسمه بعدد من المشاريع الإبداعية الكبرى، من بينها ديوان الشعر المعروف بعنوان «أوتار القلم»، وسلسلة الروايات الطويلة «صدى الحروف».

 

وقد تزامن هذا الإهداء الشعري مع صدور ديوان «أوتار القلم»، الذي يضم قصائد موزونة ومسجوعة، تتناول موضوعات إنسانية ووطنية وثقافية، وتؤكد حضور الشعر بوصفه أداة وعي وجمال ومسؤولية. كما يواصل الدكتور الثقفي مشروعه السردي عبر سلسلة «صدى الحروف»، التي تجاوزت 300 رواية، وتمثل تجربة سردية متراكمة، تستلهم الواقع والخيال، وتعالج قضايا الإنسان والهوية والذاكرة بأسلوب أدبي متصل.

 

ورغم اتساع هذه المشاريع وتنوعها، يظل إهداء 315 بيتًا شعريًا لسمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود محطة خاصة في مسيرة الدكتور الثقفي، لما تحمله من رمزية عالية، ولما تعكسه من تقدير صادق لقيمة العطاء المؤسسي والعلمي.

 

تكريم بالكلمة ومعنى الاستمرارية

 

يحمل هذا الخبر في جوهره رسالة ثقافية مفادها أن الوفاء لا ينتهي بانتهاء المنصب، وأن الكلمة الصادقة تظل أحد أنقى أشكال التكريم. كما يؤكد أن العلاقة بين المثقف والقائد الوطني علاقة تكامل، قوامها الاعتراف بالدور، وحفظ الذاكرة، وتقديم النماذج الملهمة للأجيال القادمة.

 

ويأتي هذا الإهداء ليضيف بعدًا جديدًا إلى سجل التقدير المجتمعي لصاحبة السمو الملكي الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود، ويؤكد أن ما قدمته من علم وجهد وتفان سيظل حاضرًا في الضمير الثقافي والوطني، تمامًا كما ستظل القصيدة شاهدًا أدبيًا على مرحلة من العطاء النقي والعمل الصامت الذي يصنع الفارق.

 

يا جوهرة المجد يا علما على القمم

يا سيرة العز يا تاريخا من القيم

 

بيت كريم ومنبع علم ومعرفة

وفكر يقود خطى الايام بالحكم

 

سرت بالعلم حتى صار رايتنا

نورا يضيء دروب الفكر والهمم

 

ولما اعتليت دروب التكليف واثقة

غدا الطموح منالا شامخ القمم

 

ثمان وثلاثون عاما من عطائك

صبر ونصح وبذل صادق الشيم

 

حتى غدوت لجامعة مفخرة

صرحا يفاخر بالانجاز والقمم

 

جامعة حملت اسم العز فارتفعت

وصار ذكرها في العالمين علم

 

قيادة هادئة تمضي بثابتها

لا ضجيج ولا ادعاء ولا ندم

 

قيم العفاف وحسن الخلق عنوانك

وبه تزين مجدك بين كل الامم

 

نفخر بك اليوم فخرا لا يحدده

وقت ولا ينتهي مع اخر القلم

 

تبقين في الذاكرة نورا وسيرة عز

ما دام في الارض فكر نابض الهمم

 

وتبقين رمزا لمن صانوا رسالتهم

ومنهجا يستضيء الصدق في القمم

 

علم وعزم وفي الاخلاق منزلة

تعلو على كل زخرف زائل الهمم

 

ما لان عودك في درب ولا وهنت

عزيمتك الصخر لا يثنيه عن عزَم

 

تمضين والاثر الباقي يشير الى

يد تبني الحلم لا تمحو اثر القيم

 

يا قدوة العلم يا فخرا نردده

في كل جيل وفي الايام والعصور

 

يبقى دعاؤنا لك سرا نواصله

حفظا وصحة توالى دون منقطع

 

ويشهد الدهر انك كنت مدرسة

في الصبر والحلم في التدبير والحكم

 

لم تركني للمجد بابا مواربا

بل فتحتيه بيقين صادق العزم

 

ما كان مجدك وهما في مخيلة

بل كان عملا تراه العين كالعلم

 

خطوتك محسوبة والرأي متزن

والفعل يسبق فيك القول بالكلم

 

من صمتك الحكيم تولد هيبة

ومن تواضعك السامي يسمو الشمم

 

يا من زرعت بعلمك كل قافلة

تحصد سنين ضياء ناضج الثمر

 

تبقين نهجا لمن راموا معاليهم

وسيرة تحفظ في الاسفار والسير

 

وفي القلوب وفاء لا يفارقه

دعاء صدق بلا من ولا ضجر

 

ويبقى اثرك عنوانا لمرحلة

خطت على العلم تاريخا من القيم

 

ما كنت تبحث عن اضواء زائفة

بل كان همك صدقا رفعة الامم

 

تقدمين الصفوف بصمت واثقة

كأنما الصمت فيك ابلغ الحكم

 

من علمك استلهمت اجيال نهضتها

ومن رؤاك شربت معنى العزم والهمم

 

اذا ذكرت القيادة جاء اسمك

رمزا يجل ويصان بين كل الامم

 

سيرتك البيضاء تبقى شهادة

ان العطاء اذا صفا يعلو على الزمن

 

وفي ختام القول نبقيه دعاء

حفظا من الرحمن ودوام نعم

 

تبقين فخرا لوطن بات يذكرنا

بان في العلم تبنى اقوى القمم

 

ويبقى اسمك المشكاة في زمن

تحتاج فيه العقول الثابت الفهم

 

علّمت ان القيادة موقف

وأنها خدمة لا لهفة اللقب

 

فما تبدلت المبادئ في خطاك

ولا مال ميزانك تحت ضغط وهم

 

منك تعلمنا ان البناء صبر

وان الحصاد وليد الصدق والهمم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى