لبنان: الدولار الجمركي الجديد يدخل حيز التنفيذ وسط مخاوف من ارتفاع الأسعار

دأ لبنان منذ بداية شهر ديسمبر الحالي، تطبيق التسعيرة الجديدة للدولار الجمركي والتي حددت بـ 15 ألف ليرة لبنانية بدلا من التسعيرة السابقة، التي كانت توازي /1500/ ليرة لبنانية، وسط مخاوف من أن يتسبب هذا التنفيذ برفع أسعار البضائع والسلع في بلد يستورد 86 بالمائة من مواده الغذائية.

 

وقد دخل قرار وزارة المالية اللبنانية المعني برفع تسعيرة الدولار الجمركي، حيز التنفيذ منذ الأول من ديسمبر الجاري، في حين لم تصدر الوزارات المعنية حتى الآن اللوائح الرسمية للسلع المعفاة من الرسوم الجمركية، في ظل مخاوف من زيادة وانفلات في الأسعار، إضافة إلى لجوء الكثير من التجار لأساليب معينة تزيد نسبة تحقيقهم للأرباح، وسط إشاعات بقيام عدد كبير منهم بتخزين البضائع والسلع الاستهلاكية لبيعها وفق التسعيرة الجديدة.

ويتخوف مراقبون من ارتفاع أكبر في أسعار المواد الغذائية بعد رفع تسعيرة الدولار الجمركي بما يؤثر سلبا على القدرات الشرائية للبنانيين، وذلك رغم تأكيد أمين سلام وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية منذ أيام، أن “70 في المئة من المواد الغذائية لن تتأثر بالدولار الجمركي على السعر الجديد”.. مشيرا إلى عدم زيادة الأعباء على الناس خصوصا في ظل تفلت سعر صرف الدولار وهبوط القدرة الشرائية.

 

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور محمد أبو حيدر مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، أن لبنان يستورد 86 بالمائة من مواده الغذائية، وبالتالي يعتمد الاقتصاد اللبناني على الدولار في تعاملاته، لافتا الى أن البلاد مرتبط باتفاقيتين، إحداهما اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والثانية اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية. وأوضح أن كل السلع المستوردة من تلك الدول معفاة من الرسوم الجمركية، انفاذا للاتفاقيتين المذكورتين والتي تشكل 70 بالمئة من إجمالي السلع المستوردة من الخارج.. مبينا بذلك أن هذه النسبة من المواد الغذائية – أي الـ70 بالمئة – لن تتأثر بالدولار الجمركي.

وتوقع أبو حيدر عدم تأثر أسعار المواد الغذائية برفع تسعيرة الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، منوها بأن 30 بالمئة من السلع الغذائية المتبقية تعتبر سلعا يشملها رفع تسعيرة الدولار الجمركي، لأنه وبموجب المادة 74 من قانون الموازنة، يتوجب دفع 10 بالمائة كرسوم على البضائع المستوردة التي لها مثيل في الصناعة المحلية لمدة خمس سنوات.

 

وأوضح أبو حيدر في هذا السياق، أن وزير الاقتصاد والتجارة، في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية يواصل جهوده، كي لا يدفع المستهلك اللبناني الثمن، وبالتالي لن يوافق على أي زيادة تتعلق بالمواد الغذائية المتبقية كي لا تؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمستهلك اللبناني. لافتا إلى أن الوزارة لا تزال تعمل على إعداد لوائح للسلع المعفاة من الرسوم الجمركية، مبينا أنه تم توقيع تعهدات مع كافة التجار المستوردين لعدم بيع بضائعهم بتسعيرة تفوق سعر 1500 ليرة للدولار الجمركي.

وأعلن عن انطلاق جولات للمراقبين على متاجر بيع المواد الغذائية وفي حال ملاحظة ارتفاع بالأسعار وبيع بضائع بسعر يفوق التسعيرة المحددة، سيتم إحالة المخالفين على القضاء المختص. ولفت الى وجود تحديات في ظل نقص العديد من المراقبين التابعين لوزارة الاقتصاد والتجارة، منوها في الوقت ذاته بتشديد المراقبة والحرص على نجاح المهمة لمنع انفلات الأسعار في ظل مواكبة الجهات الأمنية.

 

وكانت وزارة الصناعة اللبنانية بدورها قد أعلنت في بيان لها عن بدء العمل بتسعيرة الدولار الجمركي الجديدة في الأول من ديسمبر الجاري، مؤكدة على أن هذا الإجراء لن يطال الآلات الصناعية والمواد الأولية المستوردة لزوم الصناعة والتصنيع في لبنان. وبالتالي، لن تتأثر كلفة المنتج الصناعي الوطني بالتدبير الجمركي الجديد، وسوف يحافظ على سعره المعتاد المعمول به كما كان سابقا.. داعية “الصناعيين والتجار والموردين والموزعين الى الالتزام بعدم تغيير الأسعار تحت ذرائع واهية”، محذرة من التلاعب بالأسعار.

 

وبدوره أكد جورج بوشكيان وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، في حديث تلفزيوني، على أن رفع الدولار الجمركي يحمي المنتجات المصنعة في لبنان، لافتا الى أن وزارة الصناعة تراقب المنتجات، لأن ما يهمها هو المستهلك.

 

وشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للمزارع اللبناني، مشيرا إلى ارتفاع عدد الرخص التي تم منحها هذا العام لمصانع الأغذية والأدوية وغيرها، معتبرا ذلك من إيجابيات الأزمة وأن بلاده ستعود تدريجيا بلدا صناعيا كما كان قبل الـ1975

وأشار الى أن وزارة الصناعة تنسق مع الوزارات الأخرى، من أجل وضع حد لانفلات الأسعار، مشددا على أن الأمن الغذائي غير مهدد في لبنان وكل هذا الحديث يندرج في إطار التهويل من أجل الاحتكار.

 

وعلى ضوء هذه التغييرات، شهد سعر الدولار الأمريكي في لبنان ارتفاعا ملحوظا أمام الليرة اللبنانية، وذلك تزامنا مع بدء العمل بتسعيرة الدولار الجمركي الجديدة التي حددت بـ15 ألف ليرة لبنانية بدلا من 1507 ليرات مقابل الدولار.

 

ويتخوف مراقبون من ارتفاع أسعار السلع والبضائع حتى تلك التي لا تشملها تسعيرة الدولار الجمركي الجديدة، لان الوزارات المعنية لم تصدر حتى الآن اللوائح الرسمية التفصيلية للسلع المعفاة من الرسوم الجمركية، مما قد يؤدي الى فوضى في الأسعار وزيادات عشوائية تشمل كل السلع.

وفي هذا الإطار، كشف الدكتور أنيس أبو ذياب الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا” عن وجود أكثر من لائحة مواد غذائية معفاة من الدولار الجمركي ومن القيمة المضافة، لافتا الى أن المشكلة تكمن في جشع التجار الذين يستغلون فرصة رفع الدولار الجمركي ورفع الضريبة على القيمة المضافة وفق سعر الصيرفة، ويرفعون الاسعار على كافة السلع، وخاصة في ظل عدم إعداد لوائح تبين جدول السلع المعفاة.

 

وأكد أبو ذياب أنه يتوجب على الوزارات المعنية إصدار لوائح فعلية بمجموع السلع المعفاة من الضرائب ومن الرسوم الجمركية، كي لا يقع اللبناني ضحية لتلاعب بعض التجار، لافتا الى قيام بعض التجار، ومنذ بدء الحديث عن الدولار الجمركي إلى تخزين موادهم وسلعهم إلى حين رفع الأسعار.

 

وشدد على وجوب مراقبة الأسعار من قبل الجهات المعنية، مبينا في الوقت عينه أنه كان يتوجب على وزارة الاقتصاد اللبنانية إحصاء ما هو موجود في المستودعات عند المستوردين قبل بدء تطبيق الدولار الجمركي الجديد.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى