من يُسقط ضرورات الشغور الرئاسي؟

 

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

 

من لحظة خروج الرئيس السابق ميشال عون من قصر بعبدا والكلام عن الشغور الرئاسي كان سيد الكلام. أكثر من ذلك لم يكن هناك أي تلميح لأسماء مرشحين باستثناء المرشحين الطبيعيين للرئاسة. إلا أن كل الأسماء سقطت لأسباب لن ندخل في تفاصيلها، وبدأ الكلام عن انتخاب رئيس جديد على قاعدة سقوط المهل الدستورية تلغي المهل الدستورية التي وضعها الوزير السابق بهيج طبارة والتي تم اعتمادها كمستند دستوري لانتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان اثر الاتفاق على انتخابه في الدوحة. وعليه لا يعود قائد الجيش العماد جوزف عون المطروح اسمه بقوة للرئاسة بحاجة إلى تعديل دستوري لانتخابه رئيسا للجمهورية.

 

لكن ما كان يصح عند انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان لا يمكن تطبيقه اليوم. يومها لم يتم تعديل الدستور وفق المادة الدستورية، إذ انتخب سليمان بـ118 صوتا مما يعني أن التوافق كان مؤمناً له، وعليه رفض الرئيس نبيه بري طلب النائب بطرس حرب بتعديل المادة 49 الفقرة 3 من الدستور مكتفيا بحجم التصويت بمعنى أن الأكثرية بموقفها تكون قد عدلت المادة الدستورية.

 

مصادر دستورية تكشف ل”المركزية” عن مساعٍ يقوم بها الرئيس بري اليوم، لتأمين “الحصانة” للعماد جوزف عون من خلال تأمين ما يزيد عن 100 نائب ليصوتوا له وبذلك تسقط كل الاحتمالات، كما يحاول بري معالجة المادة 49 الفقرة 3 منها التي تنص على مرور ستة اشهر على الفراغ لانتخاب الموظف. فهل ينجح في مسعاه الأخير بعدما أقحم الرئيس نجيب ميقاتي نفسه في دوامة تصريف مهام حكومة تصريف الأعمال واعتبار الضرورات تبيح المحظورات علما أن الضرورة القصوى اليوم تتمثل فقط في انتخاب رئيس للجمهورية؟

 

المحامي ميشال قليموس يشرح لـ”المركزية” وجهة نظره في مسألة تعديل المواد الدستورية منطلقا من القاعدة القانونية والدستورية التالية: “عند بداية كل جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية حاليا، كانت تتلى المادة 73 من الدستور إلا أنها لم تعد تصلح منذ حوالى الشهر لأن ولاية الرئيس انتهت في حين أن مضمون هذه المادة يسري على المهلة المحددة بالشهرين قبل انتهاء ولاية الرئيس. من هنا ذكرت بضرورة تلاوة المادة 74 التي تقول بأنه عند شغور سدة الرئاسة لأية علة كانت، يجب انتخاب رئيس للجمهورية فورا لمنع الشغور كما تسري هذه المادة على سبيل القياس لحالة الشغور في موقع الرئاسة مثل واقعة الإستقالة أو الوفاة التي اعتمدها الخبير الدستوري الدكتور إدمون رباط إذ قال”في هذه الحالة يجب انتخاب رئيس للجمهورية فورا”.

 

السؤال الذي يطرح اليوم، هل يجب تعديل الدستور وإجبار موظفي الفئة الأولى على الإستقالة قبل عامين من تاريخ انقطاعهم الفعلي عن الوظيفة، أو خروجهم إلى التقاعد؟

 

يوضح قليموس: “قبل انتخاب الرئيس العماد ميشال سليمان انعقدت قمة الدوحة وصدر بيان عن المجتمعين كافة الذين كانوا يمثلون أكثر من 90 في المئة من قيادات الوطن مما أعطى غطاء دستوريا ووطنيا ونيابيا لانتخاب العماد ميشال سليمان على رغم وجود الفقرة 3 من المادة 49″.

 

لكن قبل المادة 49 هناك المادتان 7 و12 اللتان تتناولان المساواة بين اللبنانيين في تولي الوظائف العامة وأي عملية تقييد لعملية ترشح الرئيس دستوريا تعتبر مخالفة للمادة 7 و12 من الدستور” ويضيف” بحسب قانون الإنتخابات للعام 2000 كان يفترض حسب المادة 30 منه، على كل مرشح للإنتخابات النيابية أن يتقدم باستقالته من الوظيفة العامة قبل 6 أشهر من تاريخ الإنتخابات.أما إذا حصل الشغور في أحد المقاعد النيابية بسبب الإستقالة أو الوفاة تسقط المهلة القانونية بحسب المادة 31 من هذا القانون”.

 

إذا وأمام غياب وجود أي نص في هذا الإطار وفي ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية ووجود حكومة تصريف أعمال غير قادرة على طرح مشروع قانون لتعديل الدستور، يرى المحامي ميشال قليموس “أنه من الضروري أن تجتمع كل القيادات اللبنانية كما جرى سابقا في قمة الدوحة وتصدر موقفاً وطنياً ودستورياً جامعاً كي يصار إلى انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية خاصة وأن الظروف الإستثنائية التي تتحكم بالبلاد، وفي ظل الإنقسام الوطني الحاد ومع غياب الأمن الإجتماعي والمالي، وإزاء الواقع المصرفي الدقيق، وحالة البطالة وهجرة الشباب والمثقفين وازدياد الضرائب على الشعب اللبناني… إزاء كل هذا المشهد السوداوي يجب ملء الشغور الرئاسي للسير بعمل المؤسسات وتشكيل حكومة جديدة على قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”.

 

والضرورة الوطنية اليوم كما الظروف الإستثنائية تحتمان اعتماد الحل الإستثنائي لأن البلد عاجز عن أن يكمل مسيرته بكل مؤسساته كما كان الحال قبل 6 سنوات أي قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية” يختم المحامي قليموس.

 

 

 

المصدر : المركزية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى