لمناسبة اليوم الوطني السعودي سعود حسنين: أنا ممتنٌ لبلدي

شخصيَّةٌ مبدعةٌ، كاتبٌ، ومدوِّنٌ، وصانعُ محتوى. تمَّ اختياره ضمن قائمةِ الشخصيَّات المبدعةِ لعام 2024، “FacesToWatch 2024”. صاحبُ مدوِّنة “saudhass” التي يكتبُ فيها تحت عنوان “أن أكتب، أن أشعر”. يبحث دوماً في كتاباته عن القصَّة التي تثيرُ المشاعرَ، وتُحرِّك الكلمات، ولا ينسى الفصلَ بين سعود الإنسان، وسعود في العملِ الإبداعي؛ ليبقى تواصله العميقُ مع نفسه عبر الكتابةِ، ثم الكتابةِ، ثم الكتابة.
اليوم، بمناسبة اليوم الوطني السعودي 94، الكاتب سعود حسنين يُخبرنا عن المساحة التي تمنحه إياها الكتابة، ضمن سلسلة حوارات ملهمة أجرتها “سيدتي”، مع شخصيات شبابيَّةٍ سعوديَّةٍ متميِّزةٍ.

ساهمت في الإعداد: ولاء حداد

مساحة شعورية

“أن أكتب، أن أشعر”، حدِّثنا عن هذه المساحةِ الشعوريَّة التي تمنحها لك الكتابة؟

الكتابةُ لطالما ارتبطت عندي بالشعورِ، وهي المدخلُ لأشياءَ أخرى. منذ أن بدأتُ في تعلُّمِ الكتابة، أدركتُ أن هذا ما أحبُّ أن أفعله، لكنَّني لم أكن أعرفُ البوصلةَ الخاصَّة بالكتابة. حين أحدِّد إلى أين ستأخذني الكلمةُ الأولى، أعرفُ مساري الذي سأتحرَّك فيه. منذ الصغر، ومنذ حصصِ التعبيرِ المدرسيَّة، وحين كان يُطلَبُ من الطلابِ التعبيرَ عن حبِّهم لجدَّتهم، كنت أوَّلَ مَن يُعبِّر عن ذلك. لم تكن حصصُ التعبيرِ سهلةً بالنسبة لأحدٍ، لكنني كنت أتحمَّس جداً لهذه الحصص، ومع ذلك لم أكن أتصوَّر أنني سأصبح كاتباً يوماً ما.
المَلكةُ، تظهرُ لدى الشخصِ من خلال التجاربِ، وبالنسبةِ لي التجاربُ التي كانت تتمحورُ حول الكتابةِ، واللغة، هي التي كانت تأسرني. الكتابةُ هي التي تجعلني أصلُ للشعورِ، الشعورِ بالحياةِ، والإنسانِ، ومشاعرِ الآخرين، ولأنني أشعرُ، فأنا أكتب.

هل الكتابةُ أسهلُ طرقِ الإبداع، أم أصعبها، وما أكثرُ ما تحبُّ الكتابةَ عنه؟

اليوم، أنا أحبُّ أن أصنِّفَ نفسي كاتباً إبداعياً، سعود الإنسان، وسعود العمل. سعود الإنسان، يهوى كتابةَ النثر، يهوى كتابةَ الشعورِ والمشاعر، وكأنَّه يُصوِّر صورةً كاملةً مملوءةً بالأحاسيس. أمَّا سعود الذي يعملُ في المجالِ الإبداعي، فيعتمدُ على عمليَّةٍ واضحةٍ بمعطياتٍ معيَّنةٍ، يُحدِّد منها ما يكتب، وهما شخصيَّتان مختلفتان.
الكتابةُ سهلةٌ، لكنْ التقدُّم في الكتابةِ، هو الصعب، والصعوبةُ هي في أنك وبعد أن تكتب، هل تكون راضياً عن نفسك، وكيف تختارُ المفرداتِ، والتعبيرَ عن الفكرة، هذا هو التحدِّي، لأن نصاً من خمسة أسطرٍ قد يكون أكثر تعبيراً من نصٍّ من عشرِ صفحاتٍ.
أكثر ما أحبُّ الكتابةَ عنه، هو الإنسانُ بمشاعره غير المحدودة، الحزنُ والسعادةُ والغضبُ والتوتُّر وغيرها من المشاعر المتداخلة، لكنْ بالكتابةِ يمكننا أن نفصل كلَّ شعورٍ في إطارٍ لوحده، وأن نمنحه القيمةَ التي يستحقُّها، وأن نُعبِّر عنه ولو بسطرٍ.

سر النجاح

الكاتب سعود حسنين – تصوير تركي عبدالله

من خلال عملك في المجالِ الإبداعي، ما سرُّ نجاحِ أي عمليَّةٍ إبداعيَّةٍ، وأي المراحلِ فيها الأهم؟

الكتابةُ الإبداعيَّة لها مراحلُ عدة، لكنْ التعرُّف إلى هذه المراحل، هو تحدٍّ بحدِّ ذاته، خاصَّةً هنا في المملكةِ العربيَّة السعوديَّة، فهي أرضٌ خصبةٌ، نبني فيها، ونتطوَّر. الكتابةُ تبدأ من صورةٍ واحدةٍ، من كلماتٍ وحروفٍ وعلاماتِ ترقيمٍ، ورموزٍ تشكِّل جملةً، توضح معنى. أمَّا الكتابةُ الإبداعيَّة، فهي استخدامُ هذا الأساسِ، أساسِ الكتابةِ الواحد، ووضعه في السياقِ الصحيح الذي فيه متطلَّباتٌ. أقولُ دوماً: إن السردَ القصصي أساسُ نجاحِ الكتابةِ الإبداعيَّة، ولا يجب أن تخلو من القصَّة، والقصَّة لا تشترطُ أن تكتب عنها صفحاتٍ، إنما يمكن أن تُعبِّر عنها بعملٍ محدَّدٍ وقصيرٍ.
مراحلُ الإبداع، تبدأ أولاً من فهمِ المتطلَّباتِ، والأهدافِ، والرسائلِ التي يريدُ المشروعَ إيصالها، لأنك ستكون صوتَ العميلِ في هذا المشروع، وسترتدي شخصيَّته، ويكون هو، لكنْ بقلمك أنت، ونتيجةُ العملِ يجب أن تشبهه هو، لكنْ بطريقتك أنت. وهذا يعيدنا إلى الشخصيتين عند الكاتب: الكاتب الإنسان والكاتب في العمل.

جهد أعطى ثماره

اختيارك ضمن قائمةِ الشخصيَّاتِ الشابَّة المبدعةِ لعام 2024 ممثِّلاً للسعوديَّة، ما الذي يعنيه لك؟

الإنسانُ يؤثِّر به جداً أن تتمَّ ملاحظته وتقديره في المجالِ الذي يحبُّه. كنت أعملُ دائماً، لأنني أحبُّ عملي دون أن أسعى لأن أبرز، لكنْ عندما تمَّ ترشيحي، ورأيتُ أنني بين الشخصيَّاتِ المبدعةِ لعام 2024، أدركتُ أن التعبَ، والجهد، أعطى ثماره، وأنني في مكاني الصحيحِ تماماً.
الأحلامُ تتغيَّر مع النضوج، ونبدأ نعرفُ إلى أين سيأخذنا الطريق، لكنَّني أؤمن أن الكتابةَ، والقلمَ، والتوجُّه الإبداعي من الأشياءِ التي لن تختفي عندي أبداً مهما كبرت، وتغيَّرت أحلامي وطموحاتي. مجالُ الكتابة، يعتمدُ على مقدارِ العملِ الذي تقدِّمه، وأريدُ أن أستمرَّ في الكتابة للأبدِ وفق مقولة: “لا أملك في الدنيا إلا قلمي، فهو زادي”. وكأنَّني أمشي في الصحراءِ، ومعي فقط قلمي، وهذا يكفيني.
لا يمكن أن نتحدث عن الكتابة والكلمات من دون أن نذكر “مهندس الكلمة” الأمير بدر بن عبد المحسن وانطفى ضي الحروف

التكنولوجيا تتحكم بنا

تسألُ نفسكَ في أحدِ نصوصك المنشورة: هل سئمت الإنترنت، وتريدُ الذهابَ إلى جزيرةٍ. شعورٌ يراودنا أحياناً، في رأيك، إلى أي حدٍّ باتت التكنولوجيا تتحكَّم بنا؟

نعم، إلى حدٍّ كبيرٍ. اليوم نحن نقوم بهذه المقابلةِ، ومشروعِ التصويرِ هذا، ليكون في مجلَّةٍ، ستُنشر رقمياً. التكنولوجيا اليوم تتحكَّم بكلِّ شيءٍ حتى الاقتصاد، وبدأنا ننغمسُ في الحياةِ الإلكترونيَّة أكثر من الحياةِ الفعليَّة، وأحياناً ننسى أن نعيشَ الأيامَ بشكلٍ عادي، ونركِّزُ عليها في الجوال، والـ”سوشال ميديا”، والمنشورات! لكن هذه التكنولوجيا ساعدتنا كذلك في طرقِ الكتابةِ الإبداعيَّة، والحصولِ على المراجعِ والمرادفات.

تواصلكُ العميقُ مع ذاتكِ، ومع “داخلك”، كيف تمكَّنت من بنائه؟

الله أعطى خصائصَ فريدةً لكلِّ إنسانٍ، والنسبةُ الشعوريَّة تختلف من شخصٍ لآخر. تواصلي العميقُ مع نفسي، يكون عبر الكتابةِ، والكتابةِ، والكتابة، فهي التي جعلتني أكتشفُ المساحةَ الشعوريَّة الخاصَّة بي، وبدايتي مع الكتابةِ، كانت لأنجو من ضغطِ العمل، وضغوطِ الحياة.

اليوم الوطني

الكاتب سعود حسنين – تصوير تركي عبدالله

حوارنا هذا ينشر بالتزامن مع مناسبة اليوم الوطني السعودي، هل لديك كلمة في هذا السياق؟

أولاً، تسعدني مشاركتي في حوارات اليوم الوطني، وأن أكون جزءاً من الحركةِ التي تحدثُ في السعوديَّة، وأن يكون دوري واضحاً في خدمةِ هذه الأرضِ وشبابها، إلى جانبِ الاحتفاءِ بالوطن، وأقولُ: أنا سعودي، وممتنٌّ لهذا البلد. ثانياً، “سيدتي” موجودةٌ في حياتنا منذ الصغر، ودائماً ما تكون في بيتنا، وجميلٌ جداً أن نكون ضيوفاً فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى