الزجاج الذي كان ثمنه 50 دولارا قبل الحرب، ارتقع اليوم إلى 70 و80 دولارا. تجار الزجاج والألومينيوم يعترفون بكل وقاحة بأنهم رفعوا الأسعار، وعند مواجهتهم بالأمر يبررونه بارتفاع الطلب كثيرا ويذكّرون الزبون بأنه في مرحلة إعادة الإعمار المقبلة ستعوض هذه المدفوعات، ويدعونه إلى الاحتفاظ بالفواتير. لكن المشكلة أننا لم نعد نستطيع الانتظار إلى حين التعويض، ونريد مباشرة التصليح، خصوصا أن وقف النار حصل في نهاية الشهر، لذلك لم ندفع إيجار شهر جديد في مكان نزوحنا وعدنا إلى منازلنا ونريد إصلاحها في أسرع وقت”.
هذا ما رواه منير علامة صاحب أحد المنازل المتضررة في الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت.
غالبية أصحاب المنازل المتضررة الذين يستعجلون الترميم يشكون جشع تجار الأزمات الذين رافقوهم منذ بداية توسع الحرب وتفاقم وتيرة النزوح. فالنازح عانى جشع أصحاب الشقق التي أجرت ومكاتب السمسرة والسماسرة في المناطق الآمنة، وبعض متاجر المواد الغذائية، واليوم على الرغم من انتهاء الحرب يُستغلون مجددا ويقعون ضحية مستغلين جدد هم أصحاب ورش الألومينيوم وتصنيع الزجاج.
في هذا السياق، نشر رئيس بلدية برج البراجنة عاطف منصور رسالة ناشد فيها التجار عدم استغلال العائدين إلى منازلهم، واصفا هذه الأفعال بأنها “تنم عن انعدام الضمير حتى وإن كانت جهات ستتحمّل كلفة الترميم”. وختم منصور رسالته بدعوة “الدولة وجميع أصحاب النفوذ والمعنيين، بمن فيهم مصلحة حماية المستهلك وكل من هو معني بالملف، إلى أن يتحركوا بحزم ويضربوا بيد من حديد لملاحقة هؤلاء الجشعين وفرض رقابة صارمة على الأسعار”.
فهل من رقابة على تجار المواد والبضائع المستخدمة في إعادة ترميم المنازل المتضررة؟
يكشف المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر أن مراقبي حماية المستهلك بدأوا منذ صباح الإثنين بجولات على ورش الألومينيوم والزجاج وكل ما له علاقة بتجهيز المنازل من أدوات كهربائية وغيرها”.
صحيح أن بعض أصحاب المنازل المتضررة يعانون استغلال التجار، لكن كثيرين من أصحاب هذه المنازل المنكوبة لا قدرة لهم على إصلاح الأضرار في منازلهم ولو بأسعار ما قبل الحرب، ولا يزالون ينتظرون أجوبة واضحة من المعنيين بملف إعادة الإعمار عن تساؤلاتهم حول مصير منازلهم.