شكوك تراود رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة إيلي قزي بأن تساعدهم الدولة اللبنانية.
قطاع السيارات أصبح “تحت الأرض”، كما يصفه قزي.
شهد لبنان تضرراً كبيراً في القطاعات الحيوية نتيجة الحرب الإسرائيلية التي ألقت بظلالها على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. من بين القطاعات التي تأثرت بشكل ملحوظ، يبرز قطاع السيارات الذي يُعد حيوياً وله أثر مباشر على حركة النقل والتجارة والتنقل داخل البلاد.
تراجع الطلب على السيارات الجديدة والمستعملة نسبياً بسبب تدهور الوضع الأمني والاقتصادي.
وتسببت الحرب في تعطيل خطوط التوريد، مما أدى إلى نقص حاد في قطع الغيار والمركبات الجديدة. وفي عرقلة عمليات النقل والشحن، ما جعل صيانة وشراء السيارات أمراً أكثر صعوبة.
في الموازاة، فإن تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ عام 2019 قد أثر على قدرة الأفراد على تجديد سياراتهم أو شراء سيارات جديدة، فاتجه المواطنون نحو طلب السيارات المستعملة التي كانت أيضاً أسعارها مرتفعة بسبب قلة المعروض.
أمام كل ما تقدم، لابد من معرفة ما اصاب سوق السيارات نتيجة الحرب الأخيرة، والأسعار؟ وكيف يمكن لأصحاب المهنة التعويض عن الخسائر؟ وهل هناك بوادر انتعاش لهذا القطاع قريباً؟
“فوق الخسارة خسارة”
يعتبر البعض قطاع السيارات من الكماليات، كما يشير رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة إيلي قزي، في حديثٍ خاص لـ”النهار”، إلا أنه في الواقع لا يوجد منزل خالٍ من سيارة واحدة على الأقل.
و”عند توقف الحركة الاقتصادية، يتعرض هذا القطاع لانتكاسة، لاسيما في ظل غياب الاستقرار الأمني والمالي، وهذا ما حصل خلال الحرب الإسرائيلية، حين تعرضت العديد من المعارض للقصف، ما تسبب في تضرر بعض السيارات المستوردة، بخسائر تُقدّر بـ50 مليون دولار”، كما كشف قزي.
“تعددت الأسباب التي شكلت ضربة قاسية لقطاع السيارات، ولكن أبرزها كان توقف الحركة الاقتصادية بشكل كامل خلال الحرب، مع توقف عمليات البيع وعدم القدرة على دفع أجور العمال. والبعض، بحسب قزي، طلب سيارات من الخارج، لكن تلك السيارات بقيت في المرفأ، ما زاد “فوق الخسارة خسارة”.
وتسببت الحرب الإسرائيلية بخسائر كبيرة في العديد من القطاعات، كما في قطاع السيارات، حيث تضرر أكثر من 20 معرضاً جراء القصف في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، في وقت تسعى فيه النقابة لإعداد إحصائيات دقيقة لمحاولة المساعدة بالتعاون مع “الهيئة العليا للإغاثة”.
وتعمل نقابة مستوردي السيارات المستعملة على تجهيز ملفات بالخسائر لتقديمها إلى الهيئة العليا للإغاثة، رغم قلة التفاؤل بتحقيق تعويض كما حدث بعد انفجار مرفأ بيروت، كما يؤكد قزي.
ويضيف في هذا السياق: “أشك في أن يتم مساعدتنا… لكنني سأقوم بواجبي”.
وعن أسعار السيارات، يقول قزي لـ”النهار”: “خلال الحرب، انخفضت الأسعار بسبب حاجة المواطنين للأموال جراء الظروف الصعبة”، مشيراً إلى الحركة الخجولة نسبياً في السوق، لأن البعض بات يُفكر في الأساسيات فقط.
“تحت الأرض”
في الآونة الأخيرة، ومع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة، عادت الحركة إلى الأسواق اللبنانية ولبست المناطق حلة العيد.
ورغم ذلك، لم يشهد قطاع السيارات تحسناً، لاسيما من ناحية الشراء، مع تحرك طفيف في حركة الإيجارات، وسط خوف مستمر لدى المواطنين من عودة الحرب بعد انقضاء مهلة الـ60 يوماً التي تم تحديدها بين لبنان وإسرائيل لتنفيذ قرار وقف إطلاق النار.
ويُضاف إلى الأزمة مسألة صرف التعويضات، فبداية ينتظر المواطنون تعويضات مالية من المراجع المعنية لإعادة ترميم أو بناء منازلهم، وليس لشراء سيارات جديدة، على رغم حاجتها، لكن الأولوية تقضي بوجود منزل يأويهم، قبل السيارات.
أما النقطة الأهم بحسب قزي، والتي يمكن ان تحرك قطاع السيارات وتعطي الناس دفعاً للإقدام على شراء السيارات فهي عودة المصارف إلى عملها الطبيعي وعودة الثقة بالقطاع المصرفي، الذي بدوره يمنح التسهيلات للمواطنين، التي تعطيهم فرص تقسيط السيارة او المنزل عبر المصرف. هذا إضافة طبعاً إلى ضرورة أن تقوم الجهات المسؤولة بالتعويض على المواطنين.
قطاع السيارات، كما يصفه قزي، من أهم القطاعات في البلاد، حيث يحتل المركز الثاني بعد قطاع النفط في إدخال الأموال إلى الخزينة اللبنانية، لكنه اليوم بات “تحت الأرض” مع توقف عملية البيع كلياً، وغياب المسؤولين واستمرار الأزمة الاقتصادية.
ويظل الوضع المأساوي الذي تعيشه القطاعات الأساسية في لبنان مصدر قلق كبير، ما لم تكتمل مؤسسات الدولة، وتضع الحكومة خطة اقتصادية ومالية إنقاذية تعيد الحياة لكل القطاعات في لبنان