مقال هام للمفكر والمحامي فيليب أبي فاضل عن “الكذبة الصهيونية”

كتب المفكر والمحامي فيليب أبي فاضل أمين سرّ إتحاد الكتّاب اللبنانيين سابقا مقال بعنوان: الكذبة الصهيونية

لا حاجة للجوء الى علماء في التاريخ لتبديد الكذبة الصهيونية في أن اليهود أصيلون في أرض فلسطين، ذلك أن التوراة نفسها تكذّب هذا الزعم في أكثر من إصحاح. فأرض فلسطين هي للكنعانيين وغيرهم، ولكن ليست ولم تكن يوماً لليهود. وإنني مقصر الساعة عن إدراج كل المواقع في التوراة التي تثبت هذه الحقيقة، فأكتفي بشيء منها أبيّن مرجعه في كتاب التوراة.

إله التوراة ظالمٌ ثائر كاره مهدم مزيلٌ لكل المخلوقات ليخلق عباداً له. ففي الإصحاح السابع من سفر التكوين، يحمي نوحاً ومن أدخل معه سفينته ويغرق الأرض بالمياه. وفي الإصحاح الثامن، الله يرسل حمامة ليعرف أحوال الأرض، أي أن معرفته لم تكن كليّة دائماً.

وعالمنا نشأ بعد الطوفان، وعندما قام وعد الله لإبراهيم كما تقول التوراة، لم يكن قبله محلّ للعبرانيين بين نهر مصر ونهر الفرات، إذ تقول التوراة: “في ذلك اليوم قطع الربّ مع أبرام ميثاقاً قائلاً لنسلِـك أُعطي هذه الأرض من نهر مصر الى النهر الكبير (نهر الفرات) القينيين والقنزيين والقدمونيين والحثيين والفرزيين والرفائيين والأمّوريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين.” (آخر الإصحاح الخامس – تكوين). فهل العبرانيون من هذه الشعوب؟ هم إذاً لا جذور لهم بين النيل والفرات، وبإقرارٍ واضحٍ من كتاب التوراة نفسه.

وفي مطلع الإصحاح السادس عشر، إعترافٌ بأن أبرام في أرض كنعان. وفي نهاية الإصحاح الواحد والعشرين، إعترافٌ بأن أرض بئر سبع هي للفلسطينيين ولا دخل لليهود العبرانيين بها، وإبراهيم متعصّب عنصري يوصي ألا يتزوّج إبنه من بنات الكنعانيين (إصحاح 24 و 26).

وإسرائيل ليس إسماً لأرضٍ أو شعب، بل هو الإسم الذي كان في الأصل يعقوب كما ورد في الإصحاح الثاني والثلاثين (28) قال “لا يُدعى إسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل”. وفي مطلع الإصحاح السابع والثلاثين صراحةً: “وسكن يعقوب في أرض غربة أبيه في أرض كنعان”. فإسرائيل (يعقوب) ليس له أرض بل إنه قد سكن أرض كنعان، فكيف يكذب الصهاينة “الإسرائيليون” أن لهم أرضاً في فلسطين؟ وفي الإصحاح السابع والأربعين الآية الأولى: “فأتى يوسف وأخبر فرعون وقال أبي وأخوتي وغنمهم وبقرهم وكلّ ما لهم جاءوا من أرض كنعان”. وفي الإصحاح الخمسين جاء في مطلعه: “فوقع يوسف على وجه أبيه وبكى… وأمر عبيده الأطباء أن يحنّطوا أباه. فحنّط الأطباء إسرائيل (يعقوب)… وبعدما مضت أيام بكائه، كلّم يوسف بيت فرعون قائلاً إن كنت قد وجدت نعمةً في عيونكم فتكلّموا في مسامع فرعون قائلين: أبي استحلفني قائلاً ها أنا أموت في قبري الذي حفرت لنفسي في أرض كنعان. هناك تدفنني…”.

البقاع الفلسطينية هي إذاً أرض كنعان وليست أرضاً لليهود العبرانيين.

2 / 2

وننتقل الى سفر الخروج بدءاً بالإصحاح الثالث حيث يقول الله الخاص باليهود ما حرفيته: “فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين وأصعدهم من تلك الأرض الى أرضٍ جيدة وواسعة، الى أرض تفيض لبناً وعسلاً، الى مكان الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين”. فأين أي أصلٍ للعبرانيين في فلسطين أو أي مكان لهم بين النيل والفرات؟ فكيف يقبل العالم الغربي مزاعم العبرانيين أن لهم أرضاً كانوا فيها قبل أن يخرجوا من مصر؟ لولا أن الغرب لا يدقّق ولا يهتمّ بمعرفة التاريخ فيقبل دعايات الصهاينة الكاذبة والمضللة، فهل الإدعاءات الحديثة أصدق من نصوص التوراة التي بها يؤمنون؟.

هي الدعاية الصهيونية الكاذبة التي لم يخضعها علماء الغرب ولا باحثو الشرق، وأخصّ العرب، للتدقيق. ولم يصرف العرب أي جهد أو مبالغ ذات قيمة لمجابهة الدعاية الصهيونية التي يخصّصون لها المليارات، فيجعلون القتل والدمار والإحتلال والظلم حقاً صهيونياً في الدفاع عن مُلكٍ إلهي مزعوم وعن حق أرضي باطل في أرضٍ لا أصول لهم فيها ولا حقّ.

ولإستكمال صورة الآله الذي يعلّم السلب ويضرب باقي الشعوب لينصر أبناء يعقوب (إسرائيل)، فنقرأ في آخر الإصحاح الثالث من الخروج: “وإني أعلم أن ملك مصر لا يدعكم تمضون ولا بيد قوية، فأمدّ يدي وأضرب مصر بكلّ عجائبي التي أصنع فيها وبعد ذلك يطلقكم. وأعطي نعمةً لهذا الشعب في عيون المصريين. فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين، بل تطلب كل امرأةٍ من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضّة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين”. فهل بوسع اليهودي أن ينكر قول التوراة وينفي أنه سالبٌ ما للآخرين من حق ومتاع ؟

نتوقف عن المتابعة مؤقتاً عند الإصحاح الخامس من الخروج لنرجح بعدها في دراسةٍ أشمل الى لاحق الإصحاحات التي تثبت أن فلسطين أرض كنعان وأن كل وجودٍ صهيوني فيها هو احتلال واغتصاب وكذبة صهيونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى