
يحلّ عيد الميلاد هذا العام محمّلا بمزيج من الفرح والحنين، مع عودة عدد من المغتربين إلى لبنان وانطلاق عطلة الأعياد التي ينتظرها الأطفال بشغف.
ومع اقتراب ليلة العيد، تنشغل العائلات بالتحضيرات لاستقبال المناسبة وإحياء ذكرى ولادة السيد المسيح، في أجواء تطغى عليها الروحانية ولمّة العائلة.
وكما في كل عام، تبقى المائدة الميلادية محور الاحتفال وأحد أبرز تقاليده، حيث تجتمع العائلة حولها وتتداخل الأحاديث والضحكات وتبادل الأخبار
غير أنّ هذا التقليد، بما يحمله من رمزية إنسانية واجتماعية، بات يشكّل عبئاً مالياً متزايداً على شريحة واسعة من العائلات، في ظل الارتفاع الملحوظ في أسعار المواد الغذائية والأطباق الجاهزة.
وتتميّز المائدة الميلادية في لبنان بتنوّع أطباقها، إذ تحرص العائلات على إعداد مأكولات تتناسب مع خصوصية المناسبة.
وفي جولة على عدد من المحال، تبيّن أنّ سعر طبق الحبش (الديك الرومي) يتراوح بين 150 و250 دولاراً، ويختلف وفق الحجم وطريقة طهوه من محل إلى آخر.
إلى جانب الحبش، تُعدّ صينية لحم الغنم المشوي من الأطباق الأساسية التي تزيّن المائدة، وتتراوح كلفتها بين 90 و100 دولار. كما تحضر المشاوي بمختلف أنواعها، من طاووق وكفتة ودجاج مشوي، حيث تتراوح الأسعار بين 10 و20 دولاراً للكيلوغرام الواحد.
ولا تكتمل المائدة من دون المازة اللبنانية التي تشكّل عنصراً رئيسياً فيها، وفي مقدّمها المعجنات كاللحم بعجين، والسمبوسك، والبيتزا الصغيرة، والمناقيش، إلى جانب الكبة المقلية، ورقائق الجبنة واللحمة، وفطائر الخضار.
وتُباع هذه الأصناف في محال الـCatering بأسعار تتراوح بين 10 و12 دولاراً للدزينة الواحدة، فيما يبلغ سعر دزينة ورق العنب نحو 7 دولارات.
أما السلطة، فتحتل بدورها مكانة بارزة، إذ تُقدَّر كلفة تحضير طبق التبولة لخمسة أشخاص بنحو 6 دولارات، وهو السعر نفسه تقريباً لطبق الفتوش.
وفي ما يتعلّق بـالأجبان، ولا سيما الأوروبية منها مثل Roquefort وCheddar والقشقوان، فتُسجَّل أسعار مرتفعة، إذ لا يقل سعر الأوقية (200 غرام) عن 5 إلى 10 دولارات، وقد يتجاوز ذلك بحسب الصنف.
ويُضاف إلى ذلك كلفة السلامي، والنقانق، والبيبروني، والمكسرات، والزيتون، والفواكه المجففة، والخضروات المخللة، وغيرها من المقبلات، فضلاً عن الفواكه والكستنا التي تبقى حاضرة على المائدة، حيث يبلغ سعر كيلو الكستنا نحو 10 دولارات.
أما المشروبات، فيتصدّر النبيذ بأنواعه المختلفة مائدة الميلاد لدى مختلف الفئات الاجتماعية، إذ تبدأ أسعار الزجاجة من نحو 10 دولارات، وقد تصل إلى 200 دولار أو أكثر، تبعاً للنوع وتاريخ الإنتاج وبلد المنشأ، وينسحب الأمر نفسه على المشروبات الروحية التي ترافقه.
وفي ختام السهرة، تحضر حلويات الميلاد، وتتقدّمها “بوش دو نويل” (Bûche de Noël) بوصفه تقليداً فرنسياً عريقاً يتّخذ شكل جذع شجرة من الشوكولا.
وتتراوح أسعار هذا الصنف بين 40 و60 دولاراً، فيما يبلغ سعر الحجم المتوسط المخصّص لنحو ثمانية أشخاص حوالى 50 دولاراً.
وبعملية حسابية بسيطة، تُظهر الأرقام أنّ كلفة المائدة الميلادية لا تقلّ عن 350 دولاراً في حال اكتفت العائلة بتأمين الأطباق الأساسية. وهو رقم مرتفع بات يستوجب، لدى كثير من الأسر، تخصيص ميزانية مستقلة له في ظل الأعباء المعيشية المتزايدة.
ولا شكّ في أنّ هذه الكلفة ليست في متناول الجميع، إذ تستطيع العائلات الميسورة تحمّل نفقات تحضير المائدة، فيما تجد العائلات من الطبقتين المتوسطة والفقيرة نفسها أمام فاتورة مرهقة تفوق قدرتها، ما يعمّق الفجوة الاجتماعية ويُكرّس، لدى شريحة واسعة، شعوراً بأنّ الأعياد باتت امتيازاً محصوراً بالطبقات الأكثر غنى.
إليانا ساسين – “لبنان 24”



