بعد ان بتنا في لبنان في قعر جهنم، أصبح الإستغلال عنوان المرحلة، الأستقواء والتشاطر يواكبان البعض، وبدل أن يثور كل الناس في وجه السلطة التي أوصلتنا الى ما نحن عليه، نرى أن فئات من المجتمع تستغل فئات أخرى مثل “فئة الأوادم”، الذين لا زالوا يدفعون الرسوم والضرائب المرهقة بانتظام! أما الفئة الأخرى تفعل ما يحلو لهما وتهدد مستغلّة غياب الدولة التامّ وتقاعسها عن واجباتها، خصوصا في موضوع السكن للفئات الأكثر هشاشة.
لم يكد يذكر حاكم “المركزي” رياض سلامة في مقابلة أن سعر “اللولار” في المصارف سيحتسب على سعر 15 الف ليرة في شباط، وحتى قبل بدء سريان استيفاء الدولار الجمركي على معدل 15 الف ليرة أيضًا حتى سارع بعض أصحاب المباني السكنيّة القديمة بمطالبة المستأجرين القدامى، الذين وقعوا معهم العقود الرضائيّة بحسب قانون2017 للمطالبة بدفع بدلات الايجار على سعر صرف السوق السوداء، مبررين أن الدولار الجمركي ارتفع، فطلبوا من المستأجر الدفع دون أعطائه أية مهل ابتداء من شهر تشرين الثاني، ورفضوا قبض الإيجارات على التسعيرة المتّفق عليها سابقا في العقود!.
تناسوا ان سعر الصرف لم يتغيّر بعد، واأن القانون ٢/٢٠١٧ قد نصّ في مادته الخامسة عشرة صراحة على انّ مهلة تمديد الايجار هي ٩ سنوات لغير المستفيدين من الصندوق و١٢ سنة للمستفيدين منه، تبدأ من تاريخ نفاذ هذا القانون، الذي هو بطبيعة الحال بتاريخ ٢٨/٢/٢٠١٧ لغير المستفيدين وتاريخ دخوله حيزّ التنفيذ عملا بالمادة ٥٨ للمستفيدين من الصندوق الّذي لم ينشأ بعد، وهناك ايضاحات مطلوبة لمعرفة من يستفيد ومن ليس كذلك والأمور لمّا تزل ملتبسة.
والمؤسف ان المستأجرين القدامى هم بمعظمهم من كبار السن وخارج أي تغطية صحية!.
في هذا السياق اعتبرت المستشارة القانونية للجنة الاهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة عبر “النشرة” “ان تخويف المستأجرين، الذين باتوا مخنوقين مع انعدام قدرتهم الشرائيّة بظلّ سلطة عاجزة عن حمايتهم، لالزامهم دفع بدلات الايجار المتفق عليها بظلّ القانون الجديد للايجارات رقم ٢/٢٠١٧ الذي يرعى الايجارات القديمة المعقودة قبل 23/7/1992 بالدولار الاميركي “فريش” أو بالليرة اللبنانية حسب سعر السوق، هو امر غير مقبول، خاصة وانه لم يطرأ بعد حتى تاريخه اي تعديل على سعر الصرف”.
واعتبرت جعارة ان الحرب التي تشنّ على هذه الفئة من اللبنانيين لا تشّجع على اجراء تسويات واتفاقيات رضائيّة بين المالك والمستأجر، والمضحك المبكي بحسب جعارة ان يُطالَب المستأجر الذي تحدّد بدل بقيمة ٤٪ من سعر الشقة حسب تخمينها قبل انهيار اسعار الشقق، والذي كان اضعاف ما هو عليه اليوم -نظراً للانخفاض الكبير بسعر العقارات نتيجة الازمة الاقتصادية – بأن يدفع البدلات بالدولار “الفريش” او بحسب سعر السوق، علماً ان الدائنين لا يزالون يدفعون قروضهم السكنيّة بالليرة اللبنانيّة على سعر الصرف ١٥١٥ ل. ل. واذا شاؤوا بالشيك المصرفي.
ولفتت جعارة الى ان المطلوب اليوم وقبل اللجوء الى رفع السعر الرسمي، ان يتمّ نعرف ما هو الحد الادنى للاجور فهل ما زال ٦٧٥٠٠٠ ل. ل. او اصبح ٢٦٠٠٠٠٠ ل. ل. لان الرقم له التأثير المباشر على معرفة من هي شريحة المستفيدين من الصندوق (٣ اضعاف كليّاً و٥ اضعاف جزئياً)، مع الاشارة الى ان فاتورة اشتراك المولد الكهربائي تجاوزت ٥ اضعاف الحد الأدنى للأجور.
واشارت جعارة الى وجود حرب مبرمجة بغطاء اعلامي لمحاولة التأثير على المستأجرين، بغية “احراجهم لإخراجهم”، وتستند هذه الهجمة على الايحاء بأن عقود الايجار القديمة ستحررّ في اواخر العام ٢٠٢٣، وهذا غير مقبول ومستهجن، لا سيّما ان اعادة نشر كامل القانون رقم ٢/٢٠١٧.
ونصّ في مادته الخامسة عشرة صراحة على ان مهلة تمديد الايجار هي ٩ سنوات لغير المستفيدين من الصندوق و١٢ سنة للمستفيدين على أن تبدأ من تاريخ نفاذه، الذي هو بطبيعة الحال تاريخ ٢٨/٢/٢٠١٧ لغير المستفيدين وتاريخ دخوله حيزّ التنفيذ عملا بالمادة ٥٨ للمستفيدين من الصندوق.
واشارت جعارة الى ان اجتهادات محاكم الاستئناف في بيروت وجبل لبنان اكدّت هذا التفسير، ولا داعي لزعزعة الامن الاجتماعي بحملات نحن في غنى عنها، خاصة وان غالبية المستأجرين القدامى هم من كبار السنّ وخارج التغطية الصحيّة؛ فجريمة كبرى ترتكب بحقهم في حال اللعب بمصيرهم تحت الذريعة الواهية بعدم وضوح قانون الايجارات وتهديدهم ظلماً بالسقف الذي يحمي ما تبقى من كرامتهم الانسانية.
وطالبت جعارة المجلس النيابي الجديد ولا سيمّا لجنة الادارة والعدل السير بدراسة، ضمن سلّة واحدة، لقوانين الايجارات الثلاثة السكني القديم والتجاري القديم وقانون حريّة التعاقد الّذي يحتاج لادخال تعديلات عليه بوضع ضوابط على الايجار أسوة بكلّ بلدان العالم، مع الاعتبار ان “دولرة” بدلات الايجار اصبحت امراً واقعاً، وباتت تشكّل خطراً كبيراً على حق المواطنين بالسكن، ولا سيما على جيل الشباب مع توقّف قروض الاسكان، كما وعلى الدورة الاقتصادية، اذ بدأنا نلاحظ تبعاتها الوخيمة بحيث ان المحلات التجارية والمكاتب والمصانع تقفل ابوابها تباعاً لارتفاع الكلفة التشغيلية، وبدت احياء المدن والقرى فارغة من الحركة التجارية الطبيعية.