شركات التأمين “تكربج” الميدل إيست

قرّرت شركات التأمين العالمية تعديل مستوى المخاطر على بوالص تأمين أسطول طائرات شركة طيران الشرق الأوسط، ربطاً بتداعيات الحرب التي شنّها الكيان الإسرائيلي على غزّة. ارتفاع مستوى الخطر يعني أكلافاً أكبر لتغطية الأضرار المادية والبشرية للأسطول الذي تملكه «ميدل إيست»، فضلاً عن مراجعة شبه يومية للبرنامج التأميني لتعديل سقف التغطية، وصولاً إلى إلغائها بالكامل لحين انتهاء الأعمال العسكرية. هذا الأمر فرض على «ميدل إيست» إلغاء عدد كبير من الرحلات ضمن سقف تغطية يشمل 20% من طائراتها فقط. كذلك، عمدت الشركة إلى تفعيل الإجراءات الاحترازية – التجارية التي تشمل التعامل الحذر مع الأسطول المكوّن من 24 طائرة؛ من بينها 11 مستأجرة و13 مملوكة، إذ ستعمد إلى إلغاء عقود الإيجار، ونقل العدد الأكبر من الطائرات إلى قبرص لتشغيلها من هناك في حال اندلاع حرب واسعة بين لبنان والكيان الإسرائيلي. بمعنى أوضح، في حال اتّساع الحرب، سيتم تشغيل طائرات «ميدل إيست» من مطار قبرص، وبالتالي ستتنافس مع الشركات الأخرى، أو ستعمل على خط الإجلاء من مطار بيروت إذا سُمح لها.

مع بدء الهجوم على غزّة، بدأت شركات التأمين بخفض نسبة تغطية الطائرات ضدّ مخاطر الحرب، ملوّحة بالانسحاب الكلّي من تغطية مطار رفيق الحريري الدولي والأجواء اللبنانية. بالنسبة إلى شركة طيران الشرق الأوسط، أفضت المفاوضات إلى إلغاء التغطية على 80% من الأسطول وإبقاء الكلفة الإجمالية لتشمل 20% فقط. «لا يمكن للطائرة الإقلاع من دون خضوعها للتأمين، وهناك مبلغ مالي تدفعه شركات الطيران وتحاول أن يغطّي أكبر عدد من الطائرات» كما يشرح عضو مجلس نقابة الطيارين اللبنانيين ألان ديب.

المهم، بدءاً من صبيحة غد، ستعمل 8 طائرات فقط من أسطول الميدل إيست «وسنضطر مساء اليوم إلى إخراج 10 طائرات إلى مطارات مجاورة لم تُحدَّد بعد. وقد أبدى كل من الجانب القبرصي والتركي والقطري ترحيبه بطائراتنا»، بحسب تصريح رئيس مجلس إدارة «الميدل إيست» محمد الحوت. الأخير رأى أن «الإجراء قاسٍ، وخاصة أن المعطيات الأمنية التي حصلنا عليها تشير إلى أن احتمال تدهور الأوضاع الأمنية أقلّ من احتمال بقائها مضبوطة». ويشير إلى أن هذه الإجراءات أدّت إلى «إلغاء أكثر من نصف الرحلات»، لافتاً إلى أن الهدف لم يعد يكمن في نقل جميع الركاب، بل «استمرار خدمات النقل الجوي وعدم انقطاع مطار بيروت عن العالم. إذا توقفنا نحن لن تتشجع الشركات الأجنبية على العمل».

وستصدر الشركة جداول جديدة للرحلات تتناسب مع عدد الطائرات الموضوعة في الخدمة من جهة، والخطوط التي تسجّل طلباً عليها من خلال الحجوزات، إذ «هناك وجهات معينة مثل باريس ولندن ودبي وإسطنبول والرياض وفرانكفورت وغيرها ستنال حصة أكبر من الرحلات مقارنة بوجهات أخرى لا تحصد عدداً كبيراً من المسافرين» بحسب ديب. ويرجح «ألّا يُصار إلى إلغاء محطات معينة والتوقف عن إرسال رحلات بالكامل إليها، بل خفض عدد الرحلات وتوزيعها على وجهات مختلفة، وخاصة أنه مع تجميد كل من الطيران السعودي والألماني والسويسري رحلاته إلى بيروت بناءً على تصنيفها لوضع البلد، ازداد الضغط على شركة طيران الشرق الأوسط التي لا يمكنها قطع الطريق نهائياً أمام المسافرين».

إذاً، «تكربج» العمل في مطار بيروت الدولي لأن الشركة الأمّ فيه التي تستحوذ على أكثر من ثلث الحصة السوقية فيه، باتت شبه منقطعة عن العمل، وبالتالي سينتظر المسافرون دورهم وفقاً لجداول توزيع الرحلات الجديدة، أو سينتقلون نحو رحلات تقدّمها شركات أخرى، إذ إنه بمجرّد الإعلان عن انحسار خدمات النقل الجوي التي تقدّمها ميدل إيست، استغلّت شركات الطيران المجاورة مثل القبرصية والتركية حاجة المسافرين إلى المغادرة ورفعت أسعار تذاكر السفر.

تبرّر شركات التأمين وخلفها شركات الطيران الإجراءات التي تتخذها بسير العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية مع إسرائيل، لكن ماذا لو تدحرجت كرة النار إلى بيروت؟ وماذا لو توقفت شركات التأمين نهائياً عن التغطية؟ يقول الحوت «عندها يُبنى على الشيء مقتضاه». المصادر تتحدث عن إجراءات الحالة القصوى وهي «إعادة الطائرات الـ 11 المستأجرة إلى أصحابها ونقل الأسطول الجوي إلى دولة مجاورة غالباً ستكون قبرص، مع إمكانية البقاء على طائرات لإجلاء الأجانب من لبنان إذا سُمِح لها بذلك». هذا يعني قطع أوصال لبنان الجوية عن العالم وعزله. وإذا خرجت الميدل إيست من لبنان لتحمي أسطولها من القصف، فمن سيحميها من منافسة شرسة وهي الأغلى بين شركات الطيران في المنطقة؟

لبنان يخسر رسوم عبور الأجواء
في حال وقعت الحرب وتوقفت الطائرات المدنية عن العبور في الأجواء اللبنانية، سيخسر لبنان بدلات خدمات الملاحة التي يستوفيها عن الطائرات التي تعبر أجواءه من دون الهبوط في المطارات. فبحسب المرسوم الاشتراعي الرقم 36 المعدّل في قانون موازنة 2019 على الشكل التالي، حددت الرسوم على النحو الآتي: 50 دولاراً عن الطائرات حتى زنة 75 طناً، و100 دولار عن الطائرات التي يزيد وزنها على 75 طناً. وقد بلغت قيمة البدلات المستوفاة بين أول كانون الثاني ونهاية أيلول نحو 43850 دولاراً وفق أرقام المديرية العامة للطيران المدني.

زينب حمود – الاخبار

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى