أقساط المدارس الخاصة إلى ارتفاع حاد… والأهالي في حالة قلق واستياء

بدأت مؤشرات العام الدراسي المقبل في لبنان ترسم ملامح أزمة تربوية ومعيشية جديدة، مع تلقّي عدد كبير من أولياء الأمور تأكيدات غير رسمية من إدارات المدارس الخاصة حول زيادات مرتقبة في الأقساط قد تتجاوز نسبة 55%. هذه الزيادة، التي تأتي في ظل ظروف اقتصادية خانقة وغياب أي سياسة دعم من الدولة، أثارت موجة واسعة من الانزعاج والقلق في صفوف الأهالي.

ورغم أن المدارس لم تصدر بعد بيانات رسمية تفصيلية بشأن الهيكليات المالية الجديدة، إلا أن تواصل بعض الإدارات مع الأهالي، وطرحها مبكرًا لأرقام تقريبية بشأن الأقساط للعام الدراسي 2025-2026، عزز القناعة بأن التعليم الخاص مقبل على موجة غلاء إضافية، تضيف عبئًا جديدًا إلى كاهل الأسر التي تعاني أصلًا من الغلاء المعيشي وتآكل الرواتب.

وفي غياب الرقابة الفعلية من وزارة التربية، وتحديدًا على المدارس غير المجانية، تجد المؤسسات التربوية الخاصة مبررات دائمة لرفع الأقساط، أبرزها ارتفاع تكاليف التشغيل، وطلب المعلمين زيادة رواتبهم بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى فوضى سعر الصرف التي لا تزال تؤثر على القدرة الشرائية بشكل عام.

يقول أحد أولياء الأمور: “لم نعد نعرف ما إذا كنا نُعلّم أبناءنا أم نغرق أكثر في الديون. المدارس تطلب زيادات، والمعلمين معهم حق، لكن من يحاسب؟ ومن يضع حداً لهذا الارتفاع السنوي المجحف؟”. هذا الصوت لا يبدو معزولًا، بل يعكس حالة من الاحتقان الاجتماعي المتزايد، في وقت تتقلّص فيه خيارات التعليم الرسمي أمام المواطنين، ويستمر غياب أي خطة واضحة من قبل الدولة لضبط الأسعار أو دعم التعليم الأساسي.

من جهته، يرى أحد المتابعين للملف التربوي أن “أزمة الأقساط ليست سوى انعكاس طبيعي لانهيار البنى الاقتصادية للدولة، فكل قطاع يدبّر أموره منفردًا، والمدارس الخاصة تعتبر نفسها خارج أي سلطة فعلية تُلزمها بحد أقصى للأسعار”. ويضيف: “الخطر ليس فقط في ارتفاع الأقساط، بل في ما يخلّفه ذلك من نزوح قسري للتلامذة نحو المدارس الرسمية المكتظة أصلًا، أو في بعض الحالات انقطاع الطلاب عن الدراسة”.

في ظل هذه المعطيات، تبقى الأسر اللبنانية بين نارين: الحفاظ على استمرارية التعليم الخاص لأبنائها بما يمثّله من جودة نسبية، أو الاستسلام للضغوط الاقتصادية التي تدفعها نحو خيارات أقل كلفة، لكنها أكثر هشاشة على المدى الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى