‎لبنان عبيد- ترامب بين لندن ونيويورك

 

‎ترامب بين لندن ونيويورك…

الغربُ الّذي يخاف أبناءه

‎الغزو القادم من الشرق المضطهد

‎زرعوا كل موبقاتهم في شرفنا

‎من مخدرات إلى حكم طغاة إلى تقسيم إلى إثارة الفتن والنزاعات الطائفيه والاثنيه

‎الى سرقة ثروات الشرق وأفريقيا

‎إلى زرع دولة اسرائيل

‎مليون شهيد في جزائرنا تصرخ وحرب الأفيون بين الهند والصين ماثله والصراع الباكستاني الهندي مسلسل كبير لتجهيل الشعوب

‎مما اضطرها إلى الهجره الى الغرب

‎فوقعت الواقعه …

‎حمى الله الغرب وامريكا من حروب اهليه

‎ولعنة الله على الصهيونيه العالميه فهي سبب بلاء كل البشريه

 

‎لم يكن صعودُ صادق خان إلى رئاسةِ بلديّةِ لندن، ولا انتخابُ زهران ممداني رئيسًا لبلديّةِ نيويورك، حدثًا عابرًا في المشهدِ الغربيّ.

‎إنّه زلزالٌ سياسيٌّ وثقافيٌّ ضربَ عمقَ الوعيِ الغربيّ الّذي طالما بنى مجده على استبعادِ “الآخر”.

‎واليوم، يجدُ الغربُ نفسه في مواجهةٍ مباشرةٍ مع أبناءِ مهاجريه، أولئك الّذين صنعوا مدنه ورفعوا اقتصادَه، وها هم الآن يجلسون على مقاعدِ القرار فيها.

‎خان وممداني… وجهانِ لعصرٍ غربيٍّ جديد

‎في لندن، يحكمُ المدينةَ ابنُ السائقِ المسلمِ السُّنّيّ الّذي كانت الصحفُ اليمينيّة تصفه يومًا بـ “الخطرِ القادمِ من الشرق”.

‎وفي نيويورك، يترأّس العاصمةَ الاقتصاديّةَ للعالمِ شابٌّ شيعيٌّ من أصولٍ هنديّةٍ أفريقيّةٍ، يتحدّثُ بجرأةٍ عن العدالةِ الاجتماعيّة ويدافعُ عن فلسطينَ من قلبِ الولاياتِ المتّحدة.

‎بين الاثنينِ خطٌّ مشتركٌ، كلاهما وُلدَ خارجَ الأسطورةِ الغربيّةِ التقليديّة، وكلاهما وصلَ إلى موقعٍ كان يُعتبرُ حكرًا على أبناءِ “النقاءِ الغربيّ”.

‎صدمةُ ترامب… حين يسقطُ القناعُ

‎لم يُخفِ امتعاضَه، فهو يدركُ أنّ رمزيّةَ صادق خان وزهران ممداني تتجاوزُ حدودَ المناصب؛ إنّها هزيمةٌ فكريّةٌ وثقافيّةٌ للمشروعِ الّذي رفعه هو نفسُه… مشروعِ “استعادةِ أميركا البيضاء” و“حمايةِ الغربِ من غزوه الثقافيّ”.

‎لكنّ الغربَ تغيّرَ رغماً عنه، فاليومَ من يحكمُ أكبرَ مدينتينِ في العالمِ الغربيّ لا ينتمي إلى الموروثِ الدينيّ أو العِرقيّ الّذي ادّعى ترامب أنّه ضمانةُ الحضارة.

‎لقد انكسرَ الاحتكارُ، وظهرَ جيلٌ لا يخافُ هويّتَه، ولا يعتذرُ عن أصلِه، ولا يطلبُ إذنًا ليكونَ جزءًا من القرار.

‎الغربُ في اختبارِ ذاته…

‎فما يجري ليس مجرّدَ “تنوّعٍ سياسيٍّ”، بل انقلابٌ في ميزانِ الهويّة.

‎الغربُ الّذي بنى تاريخَه على ادّعاءِ “التفوّق” يكتشفُ أنّ قوّتَه الحقيقيّة في تعدّديّتِه، وأنّ أبناءَ المهاجرين هم من يحمون اليومَ صورتَه المتصدّعةَ في الداخلِ والخارج.

‎غيرَ أنّ هذا التحوّلَ، رغم إيجابيّتِه، يُربكُ نُخَبَ الغربِ نفسَها، الّتي لم تتصالحْ بعدُ مع فكرةِ أن يُقادَ “العالمُ الغربيّ” بوجوهٍ سمراء، ومساجدُهم أقربُ إليهم من كاتدرائيّاتهم.

‎الدرسُ للعرب… من يخافُ أبناءَه لا يبني وطنًا

‎حين يتمكّنُ سنّيٌّ في لندن وشيعيٌّ في نيويورك من إدارةِ أعقدِ مدنِ الأرض، يصبحُ السؤالُ موجعًا…

‎لماذا ما زال العالمُ العربيّ يرفضُ أبناءَه باسمِ الطائفةِ أو المنطقةِ أو الولاءِ؟

‎لماذا نُصرّ على أن نبقى أسرى هواجسِنا، بينما الآخرُ يتقدّمُ لأنّه تجاوزَها؟

‎لقد فهمَ الغربُ أنّ الاختلافَ مصدرُ قوّة، بينما نحن ما زلنا نحاكمُ بعضَنا على الاسمِ والمذهبِ والانتماءِ.

‎وهنا يكمنُ الفارقُ بين أُمّةٍ تبني، وأخرى تخافُ من البناءِ لأنّه قد يُغيّرُ شكلَ الزعيم.

‎الصدمةُ الّتي يعيشُها ترامب ليست صدمةَ رجلٍ خسرَ انتخاباتٍ، بل صدمةَ منظومةٍ كاملةٍ فقدت قدرتَها على الهيمنةِ الفكريّة.

‎فالغربُ الّذي علّمَ العالمَ دروسًا في الديمقراطيّة لم يعد يحتملُ نتائجَها حين تأتي بوجوهٍ لا تشبهُه.

‎ولذلك، فترامب ليس إلّا التعبيرَ الأوضحَ عن خوفِ الغربِ من صورتِه الجديدة…

‎صورةٍ فيها مسلمٌ سنّيٌّ يقرّرُ مصيرَ لندن، ومسلمٌ شيعيٌّ يخطّطُ لمستقبلِ نيويورك،

‎وفيها الحقيقةُ المرّةُ، أنّ من كانوا ضيوفًا صاروا أصحابَ البيت.

‎و في سابقةٍ لافتةٍ، فاز ايضاً لبنانيّان من الطائفةِ الشيعيّة برئاسةِ بلديّتَين في الولاياتِ المتّحدة، هما” مو بيضون وعبدالله حسين حمود” ليؤكّدا أنّ الكفاءةَ تتقدّمُ على الهويّة، وأنّ أبناءَ الجنوبِ اللبنانيّ باتوا جزءًا من صناعةِ القرارِ في الغرب.

‎هذا الحدثُ يتجاوزُ البعدَ الانتخابيّ، فهو رسالةٌ رمزيّةٌ من المهاجرين اللبنانيّين إلى وطنهم ،حين تُكرَّمُ الكفاءاتُ لا تُسألُ عن مذهبِها، بل عن قدرتِها على البناءِ والإدارة.

‎إنّه فخرٌ جديدٌ للبنان، الّذي يُثبتُ أنّ أبناءَه، أينما وُجدوا، يصنعونَ المجدَ باسمِه لا باسمِ انتماءاتِهم

‎إنّ التاريخَ لا ينتظرُ من يخافُ التغيير،

‎ومن يرفضُ أن يرى ملامحَ العالمِ الجديد، سيُستبدلُ به عاجلًا أم آجلًا،

‎فالزمنُ لا يحترمُ المتردّدين، ولا يرحمُ من يبني أمجادَه على إقصاءِ الآخرين..

‎بالمختصر أملُ ألا يثيرَ هذا الفوزُ أيّ ردودِ فعلٍ تؤدّي إلى أذًى جسديٍّ لأيّ طرف؛ لا لترامبَ ولا لغيرِه من صهاينةِ الغربِ. وليعلَموا أنَّ السياسةَ للمستقبلِ، ولا تُدارُ إلاّ بالحوارِ وليس بالعنف …

عندما تُنطق الحقيقة تظهر سيوف الباطل لتقطع لسان الحقّ والعبرة بالردود !

بالتكافل مع #علي_تيسير_الحجار

لبنان عبيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى